الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل والعبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ لأن السبب يدل على النية فصار كالمنوي وذلك يقتضي تخصيص اللفظ العام وقصره الخاص ، وإذا اختلف السبب والنية مثل : إن امتنت امرأة عليه بغزلها فحلف لا يلبس ثوبا من غزلها ينوي اجتناب اللبس خاصة دون الانتفاع بثمن وغيره ، قدمت النية على السبب وجها واحدا ، لأن النية وافقت مقتضى اللفظ ، وإن نوى بيمينه ثوبا واحدا .

                                                                                                                      فكذلك في ظاهر قول الخرقي وهو الأصح خلافا للقاضي ، لأن السبب إنما اعتبر لدلالته على القصد فإذا خالف حقيقة القصد لم يعتبر فكان وجوده كعدمه ، فلم يبق إلا اللفظ بعمومه والنية تخصه على ما بيناه ذكره في المبدع ( فلو حلف لعامل أن لا يخرج إلا بإذنه ونحوه ) كأمره ورضاه ( فعزل ) العامل ( أو ) حلف ( على زوجته ) لا تفعل كذا ( فطلقها ) انحلت يمينه ( أو ) حلف ( على عبده ) لا يفعل كذا ( فأعتقه ) انحلت يمينه [ ص: 249 ]

                                                                                                                      وكذا لو حلف على أجيره وانقضت مدتها ( أو ) حلف ( لا يدخل بلد الظلم فرآه فيه ) أي البلد ( فزال ) الظلم ( أو ) حلف ( لا أرى منكرا إلا رفعته إلى فلان القاضي أو الوالي فعزل ونحوه ) كما لو مات ( يريد ) الحالف ( ما دام ) العامل أو الزوجة أو العبد أو الظلم أو القاضي أو الوالي ( كذلك أو أطلق ) الحالف ( انحلت يمينه ) تقديما للنية أو السبب على عموم اللفظ لما تقدم .

                                                                                                                      ( قال ابن نصر الله : والمذهب عود الصفة فيحمل يعني انحلال اليمين على أنه ) أي الحالف ( نوى تلك الولاية ) أي فيما إذا حلف لعامل أو وال أو قاض ( وذلك النكاح ) أي فيما إذا حلف على زوجته ( أو ) ذلك ( الملك انتهى ) أي فيما إذا حلف على عبده ويمكن أن يكون المراد بانحلت يمينه أنه لا يحنث بذلك بعد إلا حال وجود صفة عادت كما قال في المنتهى إحالة على ما سبق في كلامهم .

                                                                                                                      ( فلو رأى المنكر في ولايته وأمكنه رفعه ) إليه ( فلم يرفعه ) إليه ( حتى عزل حنث بعزله ولو رفعه ) إليه ( بعد ذلك ) أي بعد العزل لأنه قد فات رفعه إليه فأشبه ما لو مات ومفهومه كالمنتهى والمبدع وغيرهما إن عزل قبل إمكان رفعه إليه لم يحنث ( وإن مات ) العامل أو الوالي أو القاضي ( قبل إمكان رفعه إليه حنث ) الحالف لأنه قد فات رفعه إليه أشبه ما لو حلف ليضربن عبده في غد فمات العبد اليوم ( وإن لم يعين ) الحالف ( الوالي إذن ) بأن حلف لا أرى منكرا إلا أرفعه لذي الولاية ( لم يتعين ) ذو الولاية خالف الحلف لعدم ما يقتضي تعيينه ( ولو لم يعلم به ) أي المنكر ( الحالف إلا بعد علم الوالي فمات لبر كما لو رآه معه ) أي مع الولي ولم يحنث كإبرائه من دين بعد حلفه ليقضينه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية