الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة في الصلاة: هل تجب أن تكون [النية] مقارنة للتكبير؟ والسؤال أن يوضح لنا كيفية مقارنتها التكبير، كما ذكر في الشافعي؟ [ ص: 478 ] وأنه لا تصح الصلاة إلا بمقارنتها مع التكبير، وهذا يعسر على الناس.

الجواب: الحمد لله، أما مقارنة النية للتكبير، فللعلماء فيه قولان مشهوران:

أحدهما: لا يجب، كما هو مذهب أحمد وغيره.

الثاني: تجب، كما هو مذهب الشافعي وغيره.

والنية الواجبة محلها القلب باتفاق الأئمة، إلا خلافا شاذا، وأما بعض المتأخرين [فـ]ـأوجب اللفظ بها، وهو مسبوق بالإجماع قبله. ولكن تنازع العلماء هل يستحب اللفظ بها؟ كمن استحبه من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد، ولم يستحبه آخرون من أصحاب مالك وأحمد وغيرهما، وهذا أقوى; فإن ذلك بدعة لم يفعلها رسول الله وأصحابه، ولو كان من تمام الصلاة لفعلوه.

والمقارنة المشروطة قد تفسر بوقوع التكبير عقيب النية، وهذا ممكن لا صعوبة فيه، بل عامة الناس إنما يصلون هكذا، بل هذا أمر ضروري، لو كلفوا تركه لعجزوا عنه.

وقد تفسر بانبساط آخر النية على آخر التكبير، بحيث يكون أولها [ ص: 479 ] مع أوله وآخرها مع آخره، وهذا لا يصح; لأنه يقتضي عزوب كمال النية في أول الصلاة، وخلو أول الصلاة عن النية الواجبة.

وقد تفسر بحضور جميع النية مع جميع أجزاء التكبير، وهذا تنوزع في إمكانه; فمن العلماء من قال: إن هذا غير ممكن ولا مقدور للبشر، فضلا عن وجوبه، ولو قيل بإمكانه فهو متعسر، فيسقط بالحرج.

وأيضا فما يبطل هذا والذي قبله: أن المكبر ينبغي له أن يتدبر التكبير ويتصوره، فيكون قلبه مشغولا بمعنى التكبير، لا بما يشغله عن ذلك من استحضار المنوي، ولأن النية من الشروط، والشروط تتقدم العبادة، ويستمر حكمها إلى آخرها; كالطهارة وغيرها. والله أعلم.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية