الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              الوسائل المعنوية (1) العمل على إحياء المفهوم الصحيح للبحث العلمي والتقني في الإسلام، وبلورة النظرية الإسلامية للعلوم والتقنية، ووضع التفاصيل الدقيقة للدستور الأخلاقي الذي يفرضه الإسلام في هـذين المجالين؛ وذلك لأن العلم لا يمكن أن يكون عملية مادية بحتة، خالية من القيم الروحية والأخلاقية، وإلا أصبح وبالا على أهله وعلى الإنسانية جمعاء.

              (2) تعميق قيم البحث العلمي والتقني في نفوس المسلمين من الباحثين والقائمين على الأجهزة الرسمية، وكافة الأفراد، ووضع الخطط اللازمة لتربية الجماهير المسلمة تربية علمية أصيلة تقوم على الإيمان بأن العلوم التجريبية هـي قرآنية المنهج، وأن الأسلوب العلمي في التفكير ودوره في تطوير الحياة هـو ضرورة إسلامية، ومن ثم فإنه يتوجب على المسلمين بذلك كل ما يملكون في سبيل نهضة الأمة الإسلامية علميا وتقنيا، مرضاة لله وإعذارا إليه؛ وذلك لأن القيام بالبحوث العلمية [ ص: 142 ] والتقنية في مختلف المجالات النافعة من فروض الكفاية التي تأثم الأمة كلها بتركها، وإهمالها أو التقصير فيها، وعليه فإنه يجب دعوة كل قادر إليها وتشجعيه عليها انطلاقا من صميم الدعوة الإسلامية ذاتها.

              (3) إبراز إضافات المسلمين للعلوم في مختلف العصور، وتحقيق تراثهم والعمل على نشره وتعليمه، ودراسة الشخصيات البارزة من علماء المسلمين قدامى ومعاصرين، لإعادة الثقة إلى نفوس مسلمي اليوم ودفعهم إلى النهوض بمسئولياتهم.

              (4) إحياء الشعور بالانتماء للأمة الواحدة بين المسلمين حتى يتهيئوا للوحدة الشاملة ويبدوأ بالعمل الجاد لها، ويقضوا على العصبيات الجاهلية المقيتة التي استخدمت في تفتيتهم وتشتيت إمكاناتهم.

              (5) الدعوة إلى الالتزام الدقيق بالإسلام الصحيح على مستوى الأمة أفرادا ومجتمعات، والعمل على تطبيق قيمه وأهدافه حتى يتقلص تأثير عمليات التغريب التي تعرضت لها الأمة الإسلامية طوال القرن الحالي بصفة خاصة، وحتى تتمكن القاعدة المسلمة من تحقيق حلمها بالحكومة الإسلامية الراشدة، إن شاء الله.

              (6) دعوة الناس كافة إلى الإسلام، وفي مقدمتهم العلماء والمفكرون وأصحاب الرأي في الكتل العالمية الكبرى، وهم الآن مهيئون لتقبل الإسلام بعد أن سئموا الحياة المادية، وعاشوا ويلاتهم، وأخذوا يتطلعون بحرص بالغ إلى ما يمكن أن يخلصهم مما هـم فيه من بلاء، وبعد أن تبلورت المعطيات الكلية للعلوم في تأكيد واضح على حقيقة الخلق، وضرورة الآخرة، وحتمية الإيمان بالله، وليس أدل على ذلك من ظاهرة المد الإسلامي المعاصر في كافة أرجاء الأرض بين كبار العلماء والمثقفين، كما هـي بين المظلومين والمستضعفين والمضطهدين.

              (7) إبراز الاستنتاجات الكلية للعلوم، خاصة ما يؤكد منها على حقيقة الخلق [ ص: 143 ] وابتدائه، وعظمة الكون ووحدة بنائه، وإبداع حركته واتساعه، وإعجاز ظواهره وسننه وقوانينه، وحتمية نهايته وفنائه، وإمكانية الوحي السماوي، بل ضرورته، وحقيقة الموت والبعث والحساب، ولزوم الآخرة بما فيها من ثواب وعقاب، وأغلبها قضايا غيبية استطاع العلم أن يصل إلى أدلة منطقية عليها، وقد سبقه في ذلك وحي السماء بالآلاف المؤلفة من السنين.

              (8) إبراز الإشارات العلمية في القرآن الكريم، وإثبات سبقها للعلوم البشرية بالآلاف من السنين، وهي – على كثرتها ودقة دلالاتها – وردت في سياق الدعوة إلى الإيمان بالله، والدلالة عليه، لا في سياق عرض علمي مجرد؛ وذلك لأن القرآن في الأصل كتاب هـداية، وليس كتاب علم خاص، وعلى الرغم من ذلك أصبحت هـذه الإشارات العلمية سببا في إقبال الكثيرين من العلماء المعاصرين على الإسلام واقتناعهم به، لإيمانهم بأن هـذه الحقائق العلمية – التي لم يتوصل الإنسان إليها إلا مؤخرا – لم تكن بالقطع متوفرة لبشر في حياة سيدنا محمد أو قبل بعثته صلى الله عليه وسلم ، ولا لمئات من السنين من بعده، وهي في هـذا الإطار دلالات واضحة على صدق دعوته، وحقيقة رسالته، وعلى تلقيها عن خالق الكون ومبدع الوجود، الذي ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) [الشورى:11].

              هذه عجالة لبعض وسائل التقدم العلمي والتقني المأمول للعالم الإسلامي المعاصر.. وهي وسائل إن سهل تسطيرها على الورق، فإن إخراجها إلى حيز الوجود يحتاج إلى جهود يدعمها الإيمان العميق، والتنظيم الدقيق، والعمل الدءوب، والصبر على المكاره، والإيثار على النفس، والتضحية بالشهوات، وهو طريق شاق طويل ولكنه طريق الخلاص الوحيد في عالم أصبح السبق العلمي والتقني فيه هـو معيار التقدم، وهو الوسيلة المادية لإسعاد البشرية أو إفنائها على حد سواء. [ ص: 144 ]

              نسأل الله تعالى أن يقيض لتلك المقترحات الآذان الصاغية، والعقول الواعية، والقلوب المؤمنة، والسواعد العاملة، حتى تتحقق صحوة المسلمين، وتتحقق بها نجاة العالم من الهاوية التي يتردى فيها اليوم وقيادته، لسعادة الدنيا والآخرة، وما ذلك على الله بعزيز، والله الموفق والمستعان، وهو الهادي إلى سواء السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. [ ص: 145 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية