الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
منهجية وضع المصطلح

أحمد شفيق الخطيب [ ص: 101 ] «المصطلحات» [1] مفهوم يربطه «البعض» بالعلوم والعلماء، ونربطه نحن بألفاظ الحضارة. قضيتنا مع المصطلحات ليست مقصورة على حقول التقانيات في الهندسة والطب والصيدلة والفيزياء والجيولوجية والأحياء والفضائيات ، بل هـي تتجاوز ذلك إلى مجالات الاجتماعيات والإنسانيات والحياة العامة، في المنـزل والشارع والحقل والهواء من حولنا، في ملبسنا ومأكلنا ومشربنا وتسلياتنا، شيبا وشبانا، وفي ألعاب أطفالنا وسائر محتويات بيوتنا، كما في متاجرنا ومصارفنا ومدارسنا وشتى مناحي حياتنا.

إن الغمر الحضاري الذي اجتاح الوطن العربي خلال بضعة العقود الماضية، والذي سيكتسحه أكثر فأكثر في بضعة عقود الألفية الثالثة وظاهرة العولمة (ولو سطحيا أفقيا للأسف في معظمه) ، أغرقنا وسيغرقنا في مستوردات الحضارة الحديثة - حاجيات وتقنيات وأفكارا ومخترعات وأساليب عيش في مختلف المجالات الحياتية والصحية والاجتماعية - بحيث إن بعض هـذه التقانيات والمخترعات تجد لها سوقا وانتشارا في بعض أوساطنا وبعض أقطارنا المليئة اقتصاديا، أكثر مما تجد في بلد المنشأ.

كل هـذا يعني أن المصطلح اليوم غدا ضرورة علمية وضرورة حضارية لا يمكن تجاهلها.. ومواكبة هـذا الركب الحضاري تفرض أن تنضم لغتنا إلى [ ص: 103 ] هذا الركب وتنفتح عليه بمصطلحات تستوعب هـذه المستجدات.. المصطلح بحد ذاته ليس غاية؛ الغاية هـي امتلاك المعارف العلمية والتقانية والحضارية، والمعاصرة الفعلية غير السطحية للركب الحضاري المنطلق حوالينا بزخم متزايد؛ والمصطلح هـو بعض وسائلنا لامتلاك تلك المعارف والتقانات.

هنالك نقص كمي ونوعي في الإنتاج العربي من المطبوعات الحضارية التثقيفية. وهذا القصور يبدو بخاصة في المطبوعات المؤلفة أو المترجمة حول المفاهيم الجديدة في العلم والتقانيات [2] . فالمصطلحات لها دور فاعل في إعداد الكتب المعرفية العلمية والثقافية والتقانية والمراجع العامة؛ ولا يمكن إحداث توعية حضارية عامة حقيقية مع استمرار القصور في هـذا المجال.

المصطلحات اليوم جزء مهم من اللغة –أي لغة- باعتبارها مفاتيح للمعرفة الإنسانية في شتى فروعها، ووسيلة التفاهم والتواصل بين الناس في مختلف المجالات العلمية والعملية.. تقدر بعض الدراسات أن ما يتجاوز 50% من مفردات لغات البلدان المتقدمة علميا هـو مصطلحات علمية أو حضارية مستجدة؛ والكثير من هـذه الألفاظ يستخدم على نطاق عالمي. ولا يخفى أن هـذه المستجدات تتحابك اليوم مع مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والأخلاقية واحتياجاتنا المادية بشكل لا يمكن فصمه.. فلا غرابة أن ينبري المترجمون واللغويون والأدباء والصحافيون والمعجميون، ثم المجامع والمؤسسات العلمية والمهنية لوضع مقابلات تعرف بها هـذه المستجدات وتتداول كمصطلحات. [ ص: 104 ]

منهجية وضع المصطلحات العلمية

كانت منهجية وضع مختلف المصطلحات العلمية موضوعا شاغلا عالجه وتدارسه العديد من المؤتمرات والندوات.. أذكر مـنها على سـبيل المثال، مما كان لي شرف حضوره: «ندوة توحيد منهجيات وضع المصطلحات العلمية» التي عقدت في الرباط في الفترة من 18-20 شباط (فبراير) 1981م [3] ، وتمثل فيها كافة مجامع اللغة العربية ومعظم المؤسسات المختصة العاملة في حقل المواصفات والتعريب والتربية في الوطن العربي.

وأقرت الندوة المبادئ الأساسية حول منهجية وضع المصطلحات، تلك المبادئ التي كانت من الشمول بحيث ظلت موضع التأييد من كل الندوات والمؤتمرات اللاحقة.. وهي مع الملاحظات والتعليقات والأمثلة التي أضيفت إليها في تلكم الندوات والمؤتمرات تؤلف منهجية شاملة لوضع، أو بناء، مختلف المصطلحات العلمية. ولعل من المناسب أن استعرض بنود هـذه المنهجية، أبدؤها بالبند الأول في مختلف المنهجيات والتوصيات: «أولوية التراث».

التالي السابق


الخدمات العلمية