الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فائدة : قوله ( عن العصر وهي الوسطى ) هو المذهب نص عليه الإمام أحمد ، وقطع به الأصحاب . ولا أعلم عنه . ولا عنهم فيها خلافا . قلت : وذكر الحافظ الشيخ شهاب الدين بن حجر في شرح البخاري في تفسير سورة البقرة ، فيها عشرين قولا . وذكر القائل بكل قول من الصحابة وغيرهم ودليله . فأحببت أن أذكرها ملخصة . فنقول : هي صلاة العصر ، المغرب ، العشاء ، الفجر ، الظهر جميعا بها ، واحدة غير معينة ، التوقف ، الجمعة ، الظهر في الأيام ، والجمعة في غيرها ، الصبح ، أو العشاء ، الصبح ، أو العصر ، الصبح ، أو العصر على الترديد ، وهو غير الذي قبله . صلاة الجماعة . صلاة الخوف ، صلاة عيد النحر ، صلاة عيد الفطر . صلاة الوتر ، صلاة الضحى ، صلاة الليل . قوله ( ووقتها من خروج وقت الظهر ) وهذا المذهب .

وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به أكثرهم ، يعني أن وقت [ ص: 433 ] العصر يلي وقت الظهر ليس بينهما وقت . وقيل : لا يدخل وقت العصر إلا بعد زيادة يسيرة عن خروج وقت الظهر . ويحتمله كلام الخرقي ، والتذكرة لابن عقيل والتلخيص . وقال ابن تميم ، وصاحب الفروع وغيرهما : وعن أحمد آخر وقت الظهر أول وقت العصر . قال في الفروع فبينهما وقت مشترك قدر أربع ركعات . قوله ( إلى اصفرار الشمس ) هذا إحدى الروايتين عن أحمد . اختارها المصنف ، والشارح ، والمجد في شرحه وابن تميم ، وابن عبدوس في تذكرته ، وابن رزين في شرحه . قال في الفروع . وهي أظهر وجزم بها في الوجيز ، والمنتخب . وعنه إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه ، وهو المذهب . وعليه الجمهور . منهم الخرقي ، وأبو بكر ، والقاضي ، وأكثر أصحابه وجزم به في تذكرة ابن عقيل ، والتلخيص ، والبلغة ، والإفادات ، ونظم النهاية ، والمنور ، والتسهيل وغيرهم وقدمه في الإرشاد ، والهداية ، والفصول ، والمستوعب ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي ، وابن تميم ، وابن رزين في شرحه ، والفائق ، والفروع ، وإدراك الغاية ، وتجريد العناية وصححه في المذهب ، والنظم . وأطلقهما في المستوعب ، ومسبوك الذهب ، والمذهب الأحمد . قوله ( ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس ) يعني إن قلنا : وقت الاختيار : إلى اصفرار الشمس ، فما بعده وقت ضرورة إلى الغروب .

وإن قلنا : إلى مصير ظل كل شيء مثليه . فكذلك . فلها وقتان فقط على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم . وقال في التلخيص ، والبلغة : وقت الاختيار إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه . وبعده وقت جواز الاصفرار . وبعده وقت الكراهة إلى الغروب . وقال في الكافي : يبقى وقت الجواز إلى غروب الشمس . قال ابن نصر الله في حواشي الفروع : هو غريب . وقال في الفروع . ولعله أراد أن الأول باق . قلت : لو قيل : إنه أراد الجواز مع الكراهة : لكان له وجه . فإن لنا وجها [ ص: 434 ] بجواز تأخير الصلاة إلى وقت الضرورة ، مع الكراهة . فيكون كلامه موافقا لذلك القول واختاره ابن حمدان وغيره ، على ما يأتي . مع أن المصنف لم ينفرد بهذه العبارة ، بل قالها في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، وغيرهم . وقال في المستوعب : ويبقى وقت الضرورة والجواز . انتهى .

ونقول : هو وقت جواز في الجملة لأجل المعذور . قال ابن تميم : وظاهر كلام صاحب الروضة : أن وقت العصر يخرج بالكلية بخروج وقت الاختيار ، وهو قول حكاه في الفروع وغيره . قوله ( وتعجيلها أفضل بكل حال ) هذا المذهب مطلقا . وعليه الأصحاب . وعنه يستحب تعجيلها مع الغيم ، دون الصحو . نقلها صالح . . قاله القاضي . ولفظ رواية صالح " يؤخر العصر أحب إلي . آخر وقت العصر عندي : ما لم تصفر الشمس " فظاهره مطلقا . قال في الفروع . وقال في الرعاية الكبرى : وعنه يسن تعجيلها إلا مع الصحو إلى آخر وقت الاختيار . وقيل : عنه يستحب تأخيرها مع الصحو .

التالي السابق


الخدمات العلمية