الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              مسألة : قال مالك : الحجة في إجماع أهل المدينة فقط .

              وقال قوم : المعتبر إجماع أهل الحرمين مكة والمدينة والمصرين الكوفة والبصرة وما أراد المحصلون بهذا إلا أن هذه [ ص: 148 ] البقاع قد جمعت في زمن الصحابة أهل الحل والعقد ، فإن أراد مالك أن المدينة هي الجامعة لهم فمسلم له ذلك لو جمعت وعند ذلك لا يكون للمكان فيه تأثير ، وليس ذلك بمسلم بل لم تجمع المدينة جميع العلماء لا قبل الهجرة ولا بعدها بل ما زالوا متفرقين في الأسفار والغزوات والأمصار ، فلا وجه لكلام مالك إلا أن يقول عمل أهل المدينة حجة لأنهم الأكثرون والعبرة بقول الأكثرين وقد أفسدناه ، أو يقول يدل اتفاقهم في قول أو عمل أنهم استندوا إلى سماع قاطع فإن الوحي الناسخ نزل فيهم فلا تشذ عنهم مدارك الشريعة . وهذا تحكم إذ لا يستحيل أن يسمع غيرهم حديثا من رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر أو في المدينة لكن يخرج منها قبل نقله ، فالحجة في الإجماع ولا إجماع . وقد تكلف لمالك تأويلات ومعاذير استقصيناها في كتاب " تهذيب الأصول " ولا حاجة إليها ههنا . وربما احتجوا بثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة وعلى أهلها ، وذلك يدل على فضيلتهم وكثرة ثوابهم لسكناهم المدينة ولا يدل على تخصيص الإجماع بهم . وقد قال قوم : الحجة في اتفاق الخلفاء الأربعة . وهو تحكم لا دليل عليه إلا ما تخيله جماعة في أن قول الصحابي حجة ، وسيأتي في موضعه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية