الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوم باستغلال الآخرين للتوصل إلى مآربي، فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالب جامعي، مشكلتي باختصار أنني عندما أتعرف إلى أناس من باب الصداقة، لا أستطيع سوى أن أراهم أدوات، فأجعلهم يثقون بي، ويأتمنوني على أسرارهم، ثم أقوم باستغلالهم، كي أحصل على ما أريده منهم، ولا أتركهم إلا بعد أن يتحطموا، ودائماً على هذا الحال، وينتهي الحال بالفوز بما كنت أسعى إليه، لكن دون أصدقاء، وأنا الآن في السنة الثالثة من المرحلة الجامعية، فماذا أفعل كي أغير هذا الوضع؟ لأنه يحدث بشكل تلقائي وبدون شعور مني!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على فتح قلبك، والكشف عن هذه المشكلة.

لقد بدأت الخطوة الأولى بالفعل بالاعتراف بالمشكلة، ورغبتك في التغيير، وهذا يشير إلى شجاعة كبيرة منك.

هنا بعض الخطوات التي قد تساعدك:

1. تعامل مع المشكلة كما يجب، واحصل على مساعدة من محترف، قد يكون ذلك على شكل مستشار بشكل مباشر، أو طبيب نفسي، أو مدرب تنمية، سيكونون قادرين على تقديم النصائح والأدوات اللازمة للتعامل مع هذه القضية.

2. العمل على تطوير الذات، وبناء الثقة بالنفس يمكن أن يكون مفيداً.

إذا كنت تشعر بالراحة بنفسك وبقدراتك، فقد تجد أنك لا تحتاج إلى التلاعب بالآخرين للحصول على ما تريد.

وأهم بند في تطوير الذات، هو الاهتمام بأعمال القلوب، ونقصد بها (النية) التي هي أساس العمل، وتذكر أن الله تعالى ينظر إلى قلبك وعملك وليس إلى صورتك وشكلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».

3. حاول تعلم وممارسة الاحترام الحقيقي للآخرين، وتذكر أن الآخرين ليسوا أدوات، بل هم أشخاص حقيقيون لديهم مشاعرهم وحياتهم.

تعلم كيفية تقدير الناس بغض النظر هل حصلت منهم على مصالح أم لا، وتذكر أنك تؤجر على نفع الآخرين، يقول الله تعالى: ﴿۞ لَّا خَیۡرَ فِی كَثِیرࣲ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَـٰحِۭ بَیۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِیهِ أَجۡرًا عَظِیمࣰا﴾ [النساء ١١٤].

4. تعلم كيفية التواصل بشكل صحيح ومفتوح مع الآخرين، هذا يمكن أن يكون من خلال مشاركة مشاعرك وأفكارك بشكل صادق، والاستماع إلى الآخرين بشكل فعال، وتعلم كيفية حل النزاعات بطريقة صحية، وهذه تأتي بالتدريب، ولا بأس بالالتحاق ببعض الدورات التي تعينك على ذلك.

5. عليك بالصبر؛ فالتغيير لا يأتي على الفور، فقد تحتاج إلى بعض الوقت لتعديل نمط حياتك وتصرفاتك. كن صبوراً ومستعداً للقليل من الانتكاسات على طريقك نحو التغيير.

فإذا انتكست، فلا تيأس، فأنت بحاجة للمزيد من الوقت للجهد لرؤية التغيير في حياتك إلى الأفضل.

تذكر دائماً، أن الأصدقاء الحقيقيين يكونون في حياتك لأنهم يقدرونك كشخص، وليس لما يمكنك تقديمه لهم، فعليك بمعاملتهم بالمثل، فعن أبي حمزة أنس بن مالكٍ -رضي الله- عنه خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)؛ رواه البخاري ومسلم.

التحول من هذا النوع من التفكير سيتطلب وقتاً وجهداً، ولكنه بالتأكيد يمكن تحقيقه.

نتمنى لك كل التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً