الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى أن تصاب أمي بسوء بسبب دعائي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم
أريد مساعدتكم في أمرٍ، أنا في يوم كنت منزعجةً من أمي، وقلت لها: حسبي الله ونعم الوكيل، والآن عندما أتذكر ما قلت أشعر بالذنب الشديد!

للعلم: أنا مقربة من أمي جداً، وأحبها كثيراً، ولا أعلم كيف قلت هذه الجملة؟! أصبحت تأتيني وساوس بأن أمي سوف يصيبها مكروه بسببي، أخشى أن أفقدها، وفي نفس الوقت أثق بأن الله تعالى أرحم من أن يحصل شيءٌ لأمي بسبب ما قلت، أنا لا أعلم ما أفعل؟!

عندما أتذكر أبكي ولا أستطيع التوقف، وأتخيل أموراً سيئةً جداً!

أتمنى أن تساعدوني، وأن تدعوا لأمي بطول العمر وراحة البال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به فاعلمي -أيتها المباركة- ما يلي:

أولاً: اطمئني تماماً ولا تقلقي، ولا تسمحي للشيطان أن يحزنك أو يوجد في داخلك من الوساوس ما يعكر به صفو حياتك، ودعينا ابتداءً نخبرك عن معنى حسبي الله ونعم الوكيل:
معنى: حسبنا الله: أي الله كافينا؛ فالحسب هو الكافي أو الكفاية كما قال أهل العلم.
وهذا إقرار من العبد وإيمان بأن الله -عز وجل- بقدرته وعظمته وجلاله يكفيه من كل ما أهمه وأغمه أو أصابه وأحزنه.
وقول: (ونعم الوكيل)، أي: أمدح من هو قيِّم على أمورنا، وقائمٌ على مصالحنا، وكفيلٌ بنا، وهو الله عز وجل.

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (حَسْبُنَا) أي: كافينا في مهماتنا وملماتنا، (وَنِعْمَ الْوَكِيل) إنه نعم الكافي -جل وعلا- فإنه نعم المولى ونعم النصير.

وهذا ذكرٌ -أختنا- في العموم، ودعاءٌ بأن يتولاك الله -عز وجل- وهو بهذا المعنى مع والدتك، ليس فيه دعاء عليها ولا شيء، بل هو كلامٌ خرج مخرج العادة أو الغضب العارض.

ثانياً: وحتى لو كان الذكر دعاءً على والدتك -وهو ليس كذلك- فهل تظنين أن الله يستجيبه؟! هذه الدعوات -لو صح أنها دعاء وليس كذلك في حالتك- لا تستجاب -أختنا الكريمة- والدليل على ذلك قول الله تعالى: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) سورة يونس 11.

وهذا من حلم الله ولطفه بعباده، يقول ابن كثير: "لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك؛ فلهذا لا يستجيب لهم والحالة هذه لطفاً ورحمةً، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء؛ ولهذا قال: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) أي: لو استجاب لهم كل ما دعوا به في ذلك، لأهلكهم".

ثالثاً: طيبي نفساً -أختنا- واجتهدي في طرح تلك الوساوس من رأسك، وأحسني إلى والدتك ما استطعت، وثقي أن الله أرحم بأمك منك، وأرحم بك من نفسك.

نسأل الله أن يحفظها وأن يحفظك، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً