الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يحترمني أمام الناس.. كيف أعالج هذه المشكلة؟

السؤال

السلام عليكم.
أحتاج إلى استشارة أرجوكم!

متزوجةٌ منذ سبع سنين، لا أعلم المشكلة مني أو من زوجي، مشكلتي: أن زوجي لا يحترمني أمام الناس، وهذا سبب لي حالةً نفسيةً شديدةً، أحاول أن أنسى أو أتخطى ذلك ولكن لا فائدة، عدا عن ذلك فهذا سبب لي فقدان ثقتي بنفسي، وأيضاً إهمالي في الصلاة التي كنت أعرفها حق المعرفة، وبدأت بالشعور بالاكتئاب تدريجياً.

ورغم أني أحاول أن أحافظ على صلاتي أو أرجع إليها أجد نفسي تراجعت وضعفت من جديد، الآن أنا أشعر بالحزن؛ لأني تركت صلاتي، وحزينة أيضاً لأني أحاول الرجوع إلى صلاتي، وأضعف من جديد!

مشكلتي في زوجي أتمنى أن يغير من نفسه، شرحت له ذلك، لكن لا فائدة، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hajer حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

دعينا أولاً نحدد المشكلة جيداً؛ فتحديد المشكلة نصف العلاج.
- الزوج لا يحترمك أمام الناس، هذه هي المشكلة الرئيسية، والتي ينبغي أن تعالج بمعزل عن كل الأعراض الأخرى، فمثلاً: ما علاقة ترك الصلاة أو التهاون فيها في احترام الزوج من عدمه؟ ما علاقة الثقة بالنفس في تعمد الغير الخطأ في حقك؟!

أختنا: إننا نتفهم أن المشكلة قائمة، لكن الذي لم تنتبهي له أن الشيطان المتربص بك جعل من هذا الخطأ -الذي يمكن علاجه وفق فهم أسبابه ووضع منهج للتعامل معه- خطيئة لا يمكن حلها، وأخذ يضخم فيها حتى أنساك كل إيجابياته، وأفقدك الثقة في نفسك، فصرت تخافين من الحديث أو تهابين الحديث أمامه وخاصة بحضرة الغير، وشغلك تفكيرك حتى أقعدك عن العمل ومنه الصلاة، واستحوذ عليك حتى أصابك بأعراض الاكتئاب!

هل فهمت أختنا لماذا قلنا تحديد المشكلة؟
إن المشكلة الأكبر الآن هي في تضخيم الشيطان لهذا الخطأ، والنظر إليه على أنه مصاب لا علاج له ولا أمل في التعايش معه، وهذا بدوره قادك إلى ما أنت فيه الآن؛ لذا لا بد ابتداء حتى تتم المعالجة من أمرين:
1- ترميم الجانب النفسي عندك.
2- فصل المشاكل عن بعضها، وعلاج كل مشكلة على حدة.

أما الجانب النفسي فيبدأ بإعادة الثقة بقدراتك وعدم الاهتزاز من المشاكل التي تواجهينها، وحتى تعود الثقة إلى مكانها ننصحك بما يلي:

- الابتعاد عن تهويل الأمور أو تضخيم المواقف، والتعامل بالتغافل عند الخطأ، والابتعاد عن الأماكن التي يكثر فيها الخطأ أو التقليل من التواجد فيها.

- لا تجعلي نقد الناس هو المعيار لمعرفة الصواب من الخطأ، هذا خلل خطير؛ فالمعيار الحقيقي هو الأصول والمبادئ المتعارف عليها شرعاً وليس حديث الناس.

- لا تفكري كثيراً في أي انتقاد يوجه إليك؛ لأن كل إنسان له ثقافته ورؤيته، وليس كل كلام الناس صواباً، كما أن أفعالك كلها ليست صواباً، وعليه فالاستسلام لكلام الناس واعتبار حديثهم أمراً مقدساً له تبعاته السلبية التي قد تصل إلى حد احتقار الذات، إنما التعامل الطبيعي هو عرض الانتقاد أو الكلام على العقل، فما وافق فيه الصواب أخذت به وما خالفه تركته.

- من المهم أن تقنعي نفسك أنك طبيعية، وأن الخلل قد يكون في الزوج، أو قد يكون في بيئة نشأ فيها جعلت هذا الأمر عادياً، أو قد يكون في خطأ منك ضخمه هو، المهم في كل الأحوال أنت طبيعية.

وكل هذا ستكون نتائجه جيدة وسريعة إذا وثقت بالله علاقتك، وجعلت لك مع الله خلوةً وورداً ثابتاً، وحافظت على الأذكار الصباحية والمسائية وأذكار النوم؛ فهذه معينات قوية لترميم النفس أختنا الكريمة.

أما المشاكل فيجب أن تناقش واحدة واحدة، لا تخلطي الأوراق بعضها ببعض، ولا تسمحي للشيطان أن يخلطها لك، ولا بد من عدة نقاط في حل مشكلتك هذه وما يستجد من مشاكل:

1- الدنيا دار كدر وابتلاء، جعلها الله ليختبر إيمان الناس، ولا يوجد أحد في الكون لم يصبه الابتلاء، بل إن أشد الناس بلاء أحبهم إلى الله عز وجل.

2- عدم احترام زوجك لك أمام الناس خطأ، لكن اجتهدي في التعرف على أسبابه، واجتهدي في إزالة تلك الأسباب أو التقليل منها.

3- نمي ثقتك بنفسك، من خلال القراءة والمطالعة النافعة، واحرصي على التغافل.

4- حاولي أن يكون بينك وبين الزوج ساعة حوار، لا تقولي ليس بيننا تفاهم، أنت من يجب أن يصنع هذا التفاهم، أنت زوجته وأدرى الناس به، وأفهم الناس له، حاولي أن تجدي ساعة تتحدثين فيها معه بأريحية. حدثيه في هذه الساعة عن ثلاثة أمور:

- عن إيجابياته، وعن صفاته الجيدة التي فيه، وعن حبك له.
- عن شعورك بالغضب حين يعاملك بعدم الاحترام أمام الناس، وقولي له عوضاً عن ذلك أخبرني ماذا تريد وأنا أفعل دون أن تلجأ إلى ذلك؟
- عن حرصك على حياة طيبة معه.
هذه هي الرسائل الثلاث التي نود أن تصل إليه.

5- اجتهدي في تقوية الإيمان وحثه على المحافظة على الأذكار، والتزام الصلوات، وقراءة القرآن، كل هذا بطريقين:

- بطريق غير مباشر منك كأن تقولي له: فسر لي هذه الآيات، أنا لست متفهمة أمراً ما في الصلاة، لماذا ينبغي الحرص على النوافل؟ المهم سليه كمستفسرة واطلبي منه الإجابة.

- عن طريق شيخ المسجد أو بعض أهله الصالحين أو أصدقائه الصالحين، المهم حين تجدين أحداً منهم صالحاً تعرفي على زوجته ووثقي علاقتك بها حتى تتوطد علاقة الزوج به، وعن طريقه يمكن حل كثير من المشاكل.

أختنا الكريمة ما مضى يجب أن نسير فيه مع الصبر، ونحن مع هذا البلاء أفضل حالاً من آلاف الأخوات غيرك، ولو اطلعت على ما في الموقع لعلمت ذلك، فاحمدي الله على نعمه عليك، وطبقي تلك النصائح، وأكثري من الدعاء لله وستجدين الخير بإذن الله.

كتب الله أجرك، وبارك الله فيك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً