الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع زوجتي وهي تتساهل مع التلميذات؟

السؤال

السلام عليكم

زوجتي تعمل مُدرسة في الطور الابتدائي، لاحظت خلال حفل تخرج التلميذات استعمال معازف الدبكة بمكبر الصوت، ورقص التلميذات عليها، مرفقة بكلمات نظيفة، فأنكرت هذا في الحرم المدرسي، خاصة أن المَدرسة على بعد مترين من المسجد، ويصل صوت الحفل إليه.

أنا أنكرت هذا، فقالت زوجتي: هذه موسيقى تربوية، كما لاحظت ارتداء بعض التلميذات للباس يظهر أفخاذهن، وسنهن بين 11 و 12 سنة، وهن يرقصن على هذه الموسيقى، اكتشفت بالصدفة أن زوجتي قامت بتصويرهن وإرسال الصور خفية عني عن طريق تلغرام، رفقة صورتها الخاصة بحجابها، ووجهها ظاهر، إلى ولية تلميذة تقطن بنفس الحي الذي أقطنه، وتوجد به المدرسة.

أنا أنكرت هذا، وقلت لها: إن عليها أن تنهى تلميذاتها عن هذا اللباس، ولا تصورهن به، ولا ترسله لولية إحدى التلميذات، دون استئذان أوليائهن، خاصة أنهن قاصرات، كما أنكرت عليها إرسالها صورتها بحجابها الذي يظهر وجهها إلى ولية تلميذة تقطن بقربنا دون استئذاني، خوفاً من أن يراها الذكور من أهل التلميذة، أو تنتشر في الحي أو تنشر على المواقع، خاصة أن هذا يحدث في الحي الذي أقطنه، اعتبرت هذا تعدياً على شرفي، وخيانة للأمانة التي وضعتها في زوجتي، وتركها تعمل.

لاحظت أيضاً وجود بعض العجائز يرقصن وسط النساء، داخل المدرسة على نفس الأنغام، ولاحظت بعض أولياء التلاميذ من الذكور يقومون بالتصوير بالهواتف، ونشر كل هذا على اليوتيوب، فأنا أنكرت هذا، وللأمانة غابت زوجتي عن هذا المشهد، وتأثرت كثيراً لهذا، وتعجبت من زوجتي التي لم يتحرك قلبها لإنكار هذا، وهي مربية أجيال، وكيف تجرأت على إرسال صورتها دون استئذاني، وهي على ذمتي، بينما هي ترى أن ما حدث لا يستأهل كل رد الفعل هذا من قبلي.

فقدت أعصابي وانفعلت، لأني لم أجد أمامي شخصاً يعترف بأخطائه، ويعتذر، بل يعتبرها عادية، للعلم أنا أب ل 3 أطفال، فقد تأثرت كثيراً وسقطت زوجتي من عيني، وأخشى على مستقبل أبنائي، أفيدونا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد القادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يحفظك وأهل بيتك وأولادك، إنه جواد كريم.

أخي الكريم: لا ننكر عليك شيئاً مما قلت، لكن دعنا نسألك سؤالاً: هل كان حجم النقد على قدر الجرم؟
ليس الخلاف الحقيقي بينك وبين زوجتك في الحلال والحرام الخالص، ولا في الدين كأصل ثابت، وإنما في أمر رأيته -مثلنا- محرماً، ورأته هي أمراً اعتيادياً، إن أول أسس الحوار البناء أن نتفق على جرم الفعل وحجمه، فإذا اتفقنا على ذلك عالجنا المشكلة علاجاً يناسب حجمه.

أخي الكريم: من طريقة حديثك، فأنت إنسان على قدر من التدين والعلم معاً، نسأل الله لك المزيد، وأن تكون أفضل مما نظن، وأنت لا يخفاك أن الشيطان يعمد إلى الخطأ فيضخمه في عين الزوج، ويهونه في العين الثانية (الزوجة) ليحدث فجوة تكبر ولا تصغر، وربما يستحضر معها عدة مشاكل يخدم بها هدفه الأصيل، وهو الطلاق عياذاً بالله.

أخي الفاضل: أنت ترى من وجهة نظرك أن هذا التجاوز في الملبس والأغاني للفتيات مع الصور لا يجوز، وهي ترى أن هؤلاء أطفال صغار، وأن هذا من قبيل الأناشيد المختلف فيها، أو المباحة عند آخرين، وترى أن إرسال صورتها ليس إلا للنساء فقط، وعليه فلماذا- من وجهة نظرها- كل هذه المشاكل؟!
نحن هنا لا نوافقها الرأي، ولكن حتى تعالج قضية ما، لا بد أن تفهم تفكير صاحبها، ثم بعد ذلك تعالجها وفق أسس ثلاثة:
1- تحصر المشكلة في حجمها الحقيقي.
2- تستدل على ما تراه حراماً أو مكروهاً بدليل قطعي، فإن اختلفتما تتفقان على شيخ ترجعان إليه.
3- لا تعاقب أكثر من حجم المشكلة.

بهذا -أخي الكريم- تتجاوز وزوجتك هذه الأزمة، خاصة وقد رأيت منها خلقاً وديناً، فمن خلال حديثك لم ترها مع الأخوات اللاتي يرقصن، ولا بشيء يمكن استهجانه بصورة متعمدة، وعليه فالإصلاح أيسر.

بقي أن نشير إلى مسألة أخرى، فنحن لا نعرف كيف عرفت بهذه الأمور، ونحن نعيذك أن يكون هذا من قبيل التجسس، ومثلك -إن شاء الله- لا يقع في ذلك، وقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشرَ من أسلمَ بلسانهِ ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبهِ، لا تُؤذُوا المسلمينَ ولا تُعيّروهُم ولا تَتّبعوا عوراتهِم، فإنه من يتبِعْ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبعَ اللهُ عورتَهُ، ومن يتبعِ اللهُ عورتهُ يفضحْه ولو في جوفِ رحلهِ).

إن مثل هذا السلوك مفسد للأخلاق، فعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنك إن اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ المسلمين أفْسَدْتَهُم، أو كِدْتَ أن تُفْسِدَهُم) وأنت -إن شاء الله- أبعد عن هذا.

نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً