الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحترم زوجي وأحبه وهو لا يحبني ومقصر في واجباته!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متزوجة منذ 4 سنوات ولدي طفل، وأعاني من إهمال زوجي لي، فهو لا يكلمني إلا عند الحاجة، وإذا تكلم فهو يشتمني في الكبيرة والصغيرة بدون سبب، وأحس بأنه يكرهني، فهو لا يعاملني جيداً، ولا يبتسم في وجهي، ولا يسمعني الكلام العذب، ولا يمنحني الوقت، معظم أوقاته نائم، أو مع أصدقائه، أو مع هاتفه وسجائره، ولا يملك الوقت لي ولا لأطفاله.

حاولت معه بشتى الطرق: أتجمل له وأتعطر، وأسمعه الكلام الجميل، وأثني عليه، وأقف بجانبه، وأحبه، وأطبخ له ما يشاء، ولكني آكل لوحدي لأنه يأكل بالعمل، وأنا أيضاً موظفة مثله لكن في مكان مختلف، ولا يأخذني للخروج للتنزه أبداً، وإذا خرجنا فهو لا يغض بصره، بل ينظر إلى جميع الفتيات دون أن يحترمني، ولا يرتدي خاتمه، ولو ركبنا الحافلة معاً يتبرأ مني وكأنني لست معه، ويبتعد عني كثيراً.

أحثه على الصلاة لكنه لا يريد، حاولت مراراً دون جدوى، وحاولت معه أن يقرأ القرآن ولا يريد، ويحاول دائماً أن يجرحني ويبكيني في أي فرصة تسمح له، وعندما أبكي يقول لي دموعك لا تحرك ساكناً عندي، وإذا ناقشته وأخبرته أنني بحاجة له ولحبه، يقول: أنا لا أعطي الحب، وهو لا يغار علي، ويقول أيضًا: إذا أردت الخروج اخرجي وافعلي ما شئت!

من الناحية الدينية كيف أتعامل معه؟ عمره 29 سنة، ويكبرني بأشهر قليلة، وأنا أساعده في مصروف البيت، وأحبه لكنه لا يهتم لحبي ومشاعري، ولا يهمه لو أحزنني، ولا يحترمني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rina حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك حُسن العرض للاستشارة، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُعينك على هذا الزوج، وأن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

دائمًا نحن نتمنَّى عندما تُذكر السلبيات -وبكل أسف هي سلبيات كثيرة- أن يُذكر معها الإيجابيات، حتى تتضح أمامنا الصورة كاملة، فالحكم على الشيء فرعٌ عن تصوّره، وما يحصل من الزوج لا نوافق عليه، ونسأل الله أن يهديه حتى يعرف لك فضلك وحقك، وأن يهديه قبل ذلك ليسجد لله تبارك وتعالى.

وعليه فنحن ندعوك إلى أن تجتهدي في دعوته إلى الخير وإلى الله تبارك وتعالى، وابحثي عن الوسائل المؤثّرة، فإذا كان في أقربائك وأرحامك صالحون وعلى معرفة به فحبذا لو زاروه، وتكون الزيارة في وقت الصلاة، حتى يُشجّعوه على الخير.

كما أرجو أيضًا أن تقومي بما عليك ولا تتوقفي عن الخير الذي كنت عليه؛ لأنه يقصّر؛ لأن الحياة الزوجية عبادة لربّ البريّة، والمقصّر من الزوجين يُحاسبه الله، واجعلي همّك دائمًا أولاً أن يُطيع الله تبارك وتعالى، فإنك إذا أخلصت لله تبارك وتعالى وسعيت في هدايته إلى الصلاة، وإلى غض البصر، وإلى ترك المعاصي، فإن هذا سيعود عليك وعليه بالخير، وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النِّعم)، فكيف إذا كان هو الزوج، وكيف إذا كان هو والد هذا الطفل؟!

نكرر: نحن لا نؤيد ما يحصل من هذا الزوج، ولكن نتمنَّى أن تعرضي ما فيه من إيجابيات حتى نستطيع أن نوازن، والأمر الثاني: نتمنَّى أن تجعلي همّك دعوته إلى الله تبارك وتعالى بالطريقة المناسبة، وبالمداخل الحسنة إلى نفسه، وباختيار الوقت المناسب الذي يسمع فيه النصح.

كما أرجو أن تحاولي أن تحمّليه المسؤولية تجاه الطفل، حتى يرتبط بك وبالبيت أكثر، لابد أن يكون له دور في رعاية هذا الطفل، رغم أنه صغير، إلَّا أنه بحاجة لوالده وبحاجة لاهتمامه.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير، وقطعًا أنت في مقام بناتنا، نحن لا نرضى لك هذا الوضع، ولكن نؤكد أن الخطأ لا يُعالج بالخطأ، وإنما على المرأة أن تبذل المحاولات، بعد أن تتوجّه إلى رب الأرض والسماوات، وتبحث عن المداخل الجيدة لقلب زوجها، وبعد ذلك تمضي الحياة، وإذا كان لك تواصل مرة أخرى مع الموقع أرجو أن تُعطينا الصورة كاملة، حتى نتعاون جميعًا في وضع خطة لتصحيح هذا الوضع، هذا الوضع لا نُقرُّه، ولكن أيضًا الإنسان لمَّا يريد أن يتخذ القرارات الكبيرة لا بد من دراسة شاملة ونظر في عواقب الأمور ومآلاتها، ونتائج الاستمرار، ونتائج عدم الاستمرار، وما هي المصلحة، وما هي الجوانب المشرقة حتى نضخمها، وما هي الجوانب السالبة وكيف نعالجها؟

نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونكرر لك الشكر على التواصل مع موقع مختص، وهذا هو الأسلوب الصحيح، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال، وأن يهدي زوجك وسائر الرجال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً