الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

احتمال الأذى والصبر في طريق الدعوة إلى الله تعالى

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أواجه مصاعب من الناس الذين أنصحهم إلى الطريق الصحيح في الدين، فهم يهمزونني ويقلدونني استهزاءً بي، ويعتبروني مضحكة، فماذا أفعل في هذه الحال؟ وما حكم مثل هؤلاء الناس؟

وجزاكم الله خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المقتدر بالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه لا خير في قوم ليسو بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين، والدين النصيحة، وخير الناس أنفعهم للناس، وقد بايع جرير بن عبد الله رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.

والمسلمون نصحة والمنافقون غششة، فهنيئاً لك بما تقوم به، ونسأل الله لك السداد والثبات، ومرحباً بك في موقعك بين آبائك وإخوان يشاركونك المهمة، ويسعدهم أن يكون في الأمة أمثالك، ونسأل الله أن يبارك في عمرك، وأن يبلغك آمالك.

ولا يخفى على أمثالك أنه لم يسلم من السخرية والاستهزاء والأذى حتى رسل الله الكرام، ولكن الدعاة إلى الله يصبرون ويقابلون الإساءة بالإحسان، وهذا نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام قالوا له: (( إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ))[الأعراف:60]، فلم يقل لهم: أنتم ضلال وكفار، ولكنه قال لهم في لطف وأدب: (( قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ))[الأعراف:67-68].
ومثله نبي الله هود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام قال له قومه: (( إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[الأعراف:66]، فلم يتهمهم ولم يعنفهم، ولكنه رد عليهم بقول الله: (( يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))[الأعراف:67].

أما رسولنا صلى الله عليه وسلم فقد جاءه ملك الجبال يستأذنه في أن يطبق الأخشبين على من آذوه وكفروا به، فرفض المبعوث رحمة للعالمين وقال: ( فإني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله )، فأخرج الله منهم ومن أصلابهم من جعلوا الدنيا تعبد الله، وهذا درس عظيم للدعاة إلى الله.

ولا شك أن ما تعانيه هو من معالم هذا الطريق، والجنة حفت بالمكاره، وقد جاء في وصايا لقمان: (( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ))[لقمان:17].

وهذه نتيجة طبيعية لمن يتصدى لمهمة الأنبياء، ولكننا ننصحك بما يلي:

1- ادع الله لهم قبل عرض الدعوة عليهم وبعد إسماعهم كلام الله.

2- اختر الأوقات المناسبة والألفاظ اللينة.

3- تواضع لهم ولا تظهر لهم أنك أعلم وأفهم؛ حتى لا يجد الشيطان فرصة إليهم.

4- ابدأ بعرض دعوتك أولاً على من تتوسم فيهم الخير.

5- ركز على الدعوة الفردية؛ فإن النصح الجماعي يشوش عليه الأشقياء، ويعكروا على سمع الضعفاء وتفاعلهم مع النصائح.

6- اترك اليأس، وتذكر أن الأجر على قدر المشقة.

7- احرص على تقوى الله، وأخلص في دعوتك؛ فإن كلام المخلص يصل إلى القلوب دونما استئذان.

8- اجتهد في تأمل ودراسة منهج أولي العزم من الرسل؛ ففي صبرهم أسوة للتأسي والعزاء، ولذلك قال الله تعالى لنبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم: (( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ....))[الأحقاف:35].

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً