الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمور يجب اعتبارها قبل أن تحل الكارثة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن أجد رد سؤالي لديكم وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون إنقاذي على يديكم من السقوط إلى منحدر الإثم والضلال الذي أخافه وأخاف نفسي أن تغلبني على أمري :
أنا امرأة تعديت الثلاثين من العمر تمنيت من الله أن يرزقني بابن الحلال الذي أقضي معه بقية عمري لكن قدر الله وما شاء فعل إلى حد الآن وأنا بدون زواج .. في الفترة الأخيرة تعرفت على رجل في الأربعين من عمره متزوج وذي مركز مادي مرموق .. لا اخفي عليكم كل الصفات التي تمنيتها وجدتها فيه .. لكن الكمال لله وحده وليس للبشر .. علم بحبي الكبير له ومدى تعلقي به فعرض على أن أكون صديقة من نوع آخر فلما سألته ما معنى من نوع أخر أجاب " الزواج العرفي " مقابل عقد معين أو مبلغ معين . فقلت له مقابل حبي الكبير لك وخوفي عليك من الله وخوفي على نفسي من غضب الله تريد أن تجرني إلى العار والخزي في الدنيا والآخرة .. فأجاب انه كبير في السن وغير مستعد للزواج وهو يريدني كحبيبة وعشيقة تقدم لحبيها كل ما تقدمه الزوجة والعشيقهة.. لا أخفي عليكم أنا أيضا أريد هذا الشيء وأفكر فيه بشكل مستمر وأتمنى فعله وأصمم عندما ألقى حبيبي أن أكون له كما يريد .. لكنني مجرد أن أراه تضيع الكلمات مني وينتابني خوف شديد حتى من مجرد أي حركه يبديها ونحن على سيارته لدرجة انه لم يستطع إلى الآن إلا مسك يدي رغم أننا على علاقة منذ خمسة أشهر تقريبا ..
حرماني من الحنان والعطف والحب من قبل أقرب الناس إلى أبي وأمي وأهلي من هم عزوتي وسندي هو الذي دفعني إلى البحث عن الحب والأمان في قلوب الآخرين ولو على حساب كرامتي .. المشكلة أن هذا الرجل أصبح أملي في الحياة .. فهو النور والصفاء والحياة بالنسبة لي .. وكلما حاولت الابتعاد عنه أنا التي أعود إليه وأستسمحه واطلب العفو منه .. حياتي أصبحت لا قيمة لها ولا معنى بعد أن تركته من أسبوع لأستشيركم في أمر الزواج العرفي الذي اقترحه عليا .. إخوتي يسيموني أسوأ العذاب بالإضافة إلى الإهانة الدائمة منهم .. والديً من حبهم لأبنائهم يريدون منى أن استحمل كل شيء الضرب والإهانة وأن أكون اقل من مجرد شغالة في البيت وإن لم يحصل هذا فانا عاصية خارجة عن الطاعة .. ماذا افعل أصبحت العيشة في بيتنا نوع من العذاب النفسي والجسدي .. أحيانا ينتابني الغثيان والقرف من العراك الدائم والشجار المتواصل وخاصة إن لي اخا كل مواصفات السوء أصبح يتصف بها .. كرهت بيتنا .. كرهت العيش .. كرهت حتى الأكل في بيتنا .. فحالتي الصحية في تدهور مستمر .. أبدو كالهيكل من قلة الأكل .. والعذاب الدائم .. أحاول الان أن اقضي معظم وقتي خارج منزلنا .. الصباح العمل .. بعد العصر المعهد " لغة انجليزية " لكن العمل والمعهد يحتاجان تركيز وصحة لمواصلة الدرب وأنا منهوكة القوى والخاطر .. قلبي وعقلي وروحي معلقة بهذا الرجل ولا أعرف كيف السبيل إلى الحل .. لا أريد ان يتركني ويتخلى عني فهو أملي الأخير .. لا تضحكوا علي .. أقول هذه الكلمات وقلبي يقطر دما قبل عيني .. لكن يجب أن أكون صريحة معكم حتى توجدوا لي الحل لمشكلتي هذه التي أتمنى من الله سيحانه وتعالى ان يكون خلاصي على يديكم .. فأنا مهما كان أخاف من الله وأخاف أن اجر أهلي إلى إساءة تلصق بهم طول الزمان .. فالناس لا ترحم وتريد أن تبيع وتشتري في أعراض الغير .. مستقبلي الدراسي في خطر .. صحتي في خطر أكبر .. عملي في خطر .. حياتي لا معنى لها ولا فائدة بدون وجودي مع هذا الرجل .. يكفيني أن أكون معه لساعات قليلة في اليوم .. وأعود إلى بيتنا مرتاحة البال صافية الدماغ .. يكفيني أن يكون مهري منه سورة من سور القران الكريم ويكون الشاهد والمطلع على زواجنا أو علاقتنا هو الله سبحانه وتعالى .. لكن كيف أمنع ألسنة الناس من التطاول على أهلي وعلي إن عرفوا بالخبر .. أنا في حيرة وعذاب لا يعلم بمدى ثقله وقسوته على كل كياني إلا الله سبحانه وتعالى .. خائفة من الله تعالى ولا أريد أن يتركني حبيبي وينصرف بلا رجعة .. معنى ذلك الدمار والضياع بالنسبة لي .. الهلاك الذي ليس له علاج .
دلوني ماذا أعمل هل أوسط عمي في الموضوع لكنني أخاف أن اقلل من شأنه أمام حبيبي فيحصل له مكروه لا قدر الله من هول الصدمة .. ماذا أفعل دلوني فأنا عاجزة عن إيجاد الحل .. أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يكون إنقاذي على يديكم فأنا محتاجة إلى ردكم السريع فكل يوم له عندي ألف حساب وحساب من صحتي ودراستي وخوفي على عقلي من الضياع ونفسي من السقوط في الهاوية .
وجزاكم الله عني ألف خير ..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قرأنا بتمعن وتفحص رسالتك الطويلة، المملوءة بالعواطف الجياشة والعشق المتوقد، وعلمنا ما أنت فيه من المشاعر والصراعات النفسية، فنسأل الله أن يفرج كربتك ويزيل حسرتك، ويبلغك أملك في غير فتنة مضلة ولا ضراء مضرة.

وينبغي أن نشير هنا إلى بعض الملاحظات، علها تجدي بعض النفع أو تساهم في إزالة ما أنت فيه من الكرب. وذلك على النحو التالي:

1.أن فائدة العقل للإنسان هي أن يقارن به بين الأمور فيختار منها ما هو أصلح له وأكثر نفعا.

2.أن من كان له هذا القدر من العواطف التي لا حدود لها ينبغي أن لا يكون همه قاصرا على إشباع رغبة ستنتهي في وقت قصير، وإنما يكون همه هو الوصول إلى ما فيه إشباع الرغبة بلا منع ولا انقطاع.

3.أن ما يتصوره البعض من كراهيته من طرف أبويه أو أقربائه الأقربين يكون في الغالب غير صحيح، وإنما يوسوس به الشيطان وسوسة لمن وجد في صدره قبولا لمثل تلك الأوهام. والغالب أن الآباء مجبولون على حب الأبناء والبنات، ولكنهم مختلفون في طريقة التعبير عن ذلك الحب.

4.أن لما ذكرته من العشق علاجا ذكره أهل العلم، ولا نظن إلا أنك إن أخذت به ستجدين فرجا مما أنت فيه. ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 9360.

5.أن ما تحسبينه ورعا إزاء ما ذكرته من الخلوة في اللقاءات والانفراد في السيارة، وإمساك لليد، وعلاقة مستمرة منذ خمسة شهور... إنما هو –في الحقيقة- فتنة ومكيدة من مكايد الشيطان.

6.أن الزواج العرفي إذا كان هو الطريق الوحيد لحل المشكلة، فإنه يمكنك أن تراجعي في حكمه، والحالة التي يكون بها مقبولا فتوانا رقم: 5962.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني