الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              1940 - حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الأسدي ، قال : حدثنا الرياشي ، قال : حدثنا القحذمي ، قال : حدثنا ابن الكلبي ، عن أبيه ، قال : " كان سابور ذو الأكناف يغزو العرب كثيرا ، قال : فغزا مرة بني تميم ، وذلك في زمن عمرو بن تميم ، وكان عمرو قد طال عمره حتى خرف وكثر ولده ، فلما بلغ بني تميم إقبال سابور إليهم هربوا ، فقال عمرو : اجعلوني في زبيل وعلقوني ، ففعلوا ذلك ، فلما دخل سابور منازلهم لم ير أحدا ورأى الزبيل معلقا فأمر به فأنزل ، فإذا شيخ مثل القفة ، فقال : من أنت يا شيخ وممن أنت ؟ قال : أنا من الذين تطلب ، أنا عمرو بن تميم بن مز بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار ، قال : إياكم أردت ، فقال عمرو : أيها الملك إنا لا نراك تصنع بنا هذا الصنيع إلا للذي بلغك أنه يكون منا في ولدك ، فوالله لئن كنت على يقين من ذلك إنه لينبغي لك أن تعلم أنه لو لم يبق من العرب إلا رجل واحد ، لما قدرت على ذلك الواحد حتى ينتهي إلى أمر الله وقضائه وقدره فيكم ، ولئن كنت على ظنون فما ينبغي للملك أن يسفك دماءنا على الظنون ، وفي كلا الحالتين أيها الملك يجب أن تحسن فيما بيننا وبينك ، فإن يكن الأمر فينا لم ينشر في العرب والعجم صنيعك الذي لا يغني شيئا ولا يدفع ما هو مقدور ، قد سبق به علم الله وجرى فيه قضاؤه ، ولعل ذلك أن يكافئ بمثله عقبك ، قال : فلما سمع مقالته أطرق الملك مليا يفكر فيما قال له ، ثم قال له : يا عمرو أما إنه لو كان هذا كلامك بدا بديا في أول أمرنا ، ما نالك ولا نال قومك ما يكرهون ، ولن ينالهم بعد ذلك إلا ما تحب ويحبون ، فمرهم بالرجوع إلى أوطانهم ، ورحل من وقته وأحسن جائزة عمرو بن تميم ولم يعرض لهم طول ما كان في ملكه " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية