الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              1994 - حدثني أبو زكريا يحيى بن أحمد الخواص ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح ، قال : حدثنا محمد بن بكار ، قال : حدثنا سوار بن مصعب ، قال : حدثنا أبو يحيى الجزري ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ، قال : " إن الله عز وجل لما بعث موسى بن عمران عليه السلام ، وأنزل عليه التوراة ورأى مكانه منه ، قال : اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع لأطعت ، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى ، فكيف هذا أي رب ؟ قال : فأوحى الله عز وجل إليه : فإني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، قال : فانتهى موسى ، قال : فلما بعث الله عز وجل عزيرا وأنزل عليه التوراة بعدما رفعت عن بني إسرائيل ، فقالوا : إنما خصه بالتوراة من بيننا أنه ابنه ، فلما رأى عزير مكانه من ربه ، قال : اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع لأطعت ، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى ، فكيف هذا أي رب ؟ قال : فأوحى الله عز وجل إليه أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فأبت نفسه حتى سأل أيضا ، فقال : اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع لأطعت ، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى ، فكيف هذا أي رب ؟ قال : فأوحى إليه أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فأبت نفسه حتى سأل أيضا ، فقال : اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع لأطعت ، ولو شئت أن لا تعصى ما [ ص: 315 ] عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى ، فكيف هذا يا رب ؟ قال : فأوحى الله إليه : يا عزير هل تستطيع أن ترد أمس ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تصر صرة من الشمس ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تجيء بحصاة من الأرض السابعة ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تجيء بمكيال من الريح ؟ قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تجيء بقيراط من نور ؟ قال : لا ، قال : فكذلك لا تقدر على الذي سألت عنه ، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، أما لأجعلن عقوبتك أن أمحو اسمك من الأنبياء فلا تذكر فيهم ، وهو نبي رسول ، قال : فلما بعث الله عز وجل عيسى ابن مريم عليه السلام ، وأنزل عليه الكتاب والحكمة ، وعلمه التوراة والإنجيل ، ويخلق من الطين كهيئة الطير ، ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ، وينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ، فرأى مكانه من ربه ، قال : اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع لأطعت ، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى ، فكيف هذا أي رب ؟ فأوحى الله عز وجل أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، إنما أنت عبدي ورسولي وكلمتي ألقيتها إلى مريم وروح مني وخلقتك مثل آدم ، خلقته من تراب ، ثم قلت لك : كن ، فكنت ، لئن لم تنته ، لأفعلن بك مثل ما فعلت بصاحبك بين يديك ، يعني عزيرا ، قال : فانتهى عيسى وجميع من سمعه من الحواريين وغيرهم ، فقال : إن القدر سر الله عز وجل [ ص: 316 ] ، فلا تكلفوه " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية