151 - وهذا كله - حرس الله مولانا - في نوادر الفسوق [ ص: 106 ] فأما إذا ، وظهر الفساد ، وزال السداد ، وتعطلت الحقوق والحدود ، وارتفعت الصيانة ، ووضحت الخيانة ، واستجرأ الظلمة ، ولم يجد المظلوم منتصفا ممن ظلمه ، وتداعى الخلل والخطل إلى عظائم الأمور ، وتعطيل الثغور ، فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم على ما سنقرر القول فيه على الفاهم - إن شاء الله عز وجل - وذلك أن الإمامة إنما تعنى لنقيض هذه الحالة . تواصل منه العصيان ، وفشا منه العدوان
152 - فإذا أفضى الأمر إلى خلاف ما تقتضيه الزعامة والإيالة ، فيجب استدراكه لا محالة ، وترك الناس سدى ، ملتطمين لا جامع لهم على الحق والباطل أجدى عليهم من تقريرهم على اتباع من هو عون الظالمين ، وملاذ الغاشمين ، وموئل الهاجمين ، ومعتصم المارقين الناجمين ، وإذا دفع الخلق إلى ذلك ، فقد اعتاصت المسالك ، وأعضلت المدارك ، فليتئد الناظر هنالك ، وليعلم أن الأمر إذا استمر على الخبال ، والخبط والاختلال ، كان ذلك لصفة [ ص: 107 ] في المتصدي للإمرة ، وتيك هي التي جرت منه هذه الفترة ، ولا يرتضي هذه الحالة من نفسه ذو حصافة في العقل ، ودوام التهافت في القول والفعل مشعر بركاكة الدين في الأصل ، أو باضطراب الجبلة ، وهو خبل ، فإن أمكن استدراك ذلك ، فالبدار البدار قبل أن تزول الأمور عن مراتبها وتميل من مناصبها ، وتميد خطة الإسلام بمناكبها ، وها أنا - بعون الله عزت قدرته وجلت عظمته - لا آلو في وجه ذلك جهدا ، ولا أغادر مضطربا وقصدا .
وعلى المنتهي إلى هذا الموضع أن يقبل في هذه الإطالة عذري ويحسن أمري ، فقد انجر الكلام إلى غائلة ، ومعاصة هائلة ، لا يدركها أولو الآراء الفائلة ، والوجه عندي قبض الكلام فيما لا يتعلق بالمقصود والمرام ، وبسطه على أبلغ وجه في التمام فيما يتعلق بأحكام الإمام ، وفيها الاتساق والانتظام .