فصل .
164 - إذا أسر الإمام وحبس في المطامير ، وبعد توقع خلاصه ، وخلت ديار الإسلام عن الإمام ، فلا سبيل إلى ترك الخطط شاغرة ، ووجود الإمام المأسور في المطامير لا يغني ، ولا يسد مسدا ، فلا نجد - والحالة هذه - من نصب إمام بدا .
165 - قلت : لو سقطت طاعة الإمام فينا ، ورثت شوكته ، ووهنت عدته ، ووهت منته ، ونفرت منه القلوب ، من غير سبب فيه يقتضيه ، وكان في ذلك على فكر ثاقب ، ورأي صائب ، لا يؤتى في ذلك عن خلل في عقل ، أو عته وخبل ، أو زلل في قول أو فعل ، [ ص: 117 ] أو تقاعد عن نبل ونضل ، ولكن خذله الأنصار ، ولم تواته الأقدار ، بعد تقدم العهد إليه ، أو صحيح الاختيار ، ولم نجد لهذه الحالة مستدركا ، ولا في تثبيت منصب الإمامة له مستمسكا ، وقد يقع مثل ذلك عن ملل أنتجه طول مهل ، وتراخي أجل ، فإذا اتفق ذلك ، فقد حيل بين المسلمين وبين وزر يستقل بالأمر ، فالوجه نصب إمام مطاع ، ولو بذل الإمام المحقق أقصى ما يستطاع .
وينزل هذا منزلة ما لو أسر الإمام ، وانقطع نظره عن الأنام ، وأهل الإسلام ، فلا يصل إلى مظان الحاجات أثر رأي الإمام ، إذا لم تكن يده الطولى ، ولم تنبسط طاعته على خطة الإسلام عرضا وطولا ، ولم يصل إلى المارقين صوله ، ولم ينته إلى المستحقين طوله ، والإمام لا يعنى لعينه ، ولا يقتصر انقطاع نظره على موافاته حين حينه .
[ ص: 118 ] 166 - ولست أستريب أن مولانا كهف الأمم مستخدم السيف والقلم يبادر النظر في مبادي هذا الفصل ; للغوص على مغاص القاعدة والأصل ، وقد يغني التلويح عن التصريح ، والمرامز والكنايات عن البوح بقصارى الغايات .
فهذه تفاصيل ما يتضمن الخلع والانخلاع ، وتتمة الغرض موقوفة على فصلين نستوفق الله جلت عظمته في عقدهما .