باب ذكر شروط من يصلح للفتوى
أول أوصاف المفتي الذي يلزم قبول فتواه :
أن يكون بالغا ، لأن الصبي لا حكم لقوله .
ثم يكون عاقلا لأن القلم مرفوع عن المجنون لعدم عقله .
ثم يكون عدلا ثقة ، لأن علماء المسلمين لم يختلفوا في أن الفاسق غير مقبول الفتوى في أحكام الدين ، وإن كان بصيرا بها ، وسواء كان حرا أو عبدا ، فإن الحرية ليست شرطا في صحة الفتوى .
ثم يكون عالما بالأحكام الشرعية ، وعلمه بها يشتمل على معرفته بأصولها وارتياض بفروعها .
وأصول الأحكام في الشرع أربعة :
أحدها : العلم بكتاب الله ، على الوجه الذي تصح به معرفة ما تضمنه من الأحكام : محكما ومتشابها ، وعموما وخصوصا ، ومجملا ومفسرا ، وناسخا ومنسوخا .
والثاني : العلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الثابتة من أقواله وأفعاله ، وطرق مجيئها في التواتر والآحاد ، والصحة والفساد ، وما كان منها على سبب أو إطلاق .
والثالث : العلم بأقاويل السلف فيما أجمعوا عليه ، واختلفوا فيه ، [ ص: 331 ] ليتبع الإجماع ، ويجتهد في الرأي مع الاختلاف .
والرابع : العلم بالقياس الموجب ، لرد الفروع المسكوت عنها إلى الأصول المنطوق بها ، والمجمع عليها ، حتى يجد المفتي طريقا إلى العلم بأحكام النوازل ، وتمييز الحق من الباطل ، فهذا ما لا مندوحة للمفتي عنه ، ولا يجوز له الإخلال بشيء منه .
1047 - أنا أبو طاهر محمد بن عبد الوهاب الكاتب ، أنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحضرمي ، نا حاتم بن الحسن الشاشي ، نا أنا علي بن خشرم ، عن عيسى - يعني : ابن يونس - ، عن ابن عون ، قال : قال ابن سيرين ، حذيفة : " " . لا يفتي الناس إلا ثلاثة : رجل قد عرف ناسخ القرآن ومنسوخه ، أو أمير لا يجد بدا ، أو أحمق متكلف