521 - أنا أبو عمر : عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي ، أنا أبو بكر : محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، نا جدي ، قال : حدثني ونا أبو الوليد : هشام بن عبد الملك ، ونا أبو النضر : هاشم بن القاسم ، قالوا : نا موسى بن داود ، عن الليث بن سعد ، - وقال بكير بن الأشج ، أبو النضر : بكير بن عبد الله بن الأشج - ، عن عبد الملك بن سعيد الأنصاري ، عن جابر بن عبد الله ، قال : " هششت فقبلت وأنا صائم ، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : لقد صنعت اليوم أمرا عظيما قال : " وما هو ؟ " قال : قبلت وأنا صائم ، فقال : " أرأيت لو مضمضت من الماء ؟ " ، فقلت : إذا لا يضرني ، - وقال عمر بن الخطاب ، - فقلت : لا بأس به قال : ففم - وقال موسى بن داود - قال : ففيم ، أي لا بأس بها " . أبو النضر أن [ ص: 478 ]
قد تبين في هذا الخبر ، أن عمر لم يكن يشك أن القبلة محرمة في الصوم ، ولذلك استعظم فعله إياها ، ولم يأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله أذلك مباح أم محظور ، وإنما جاء يسأله عما يجب عليه من فعله ، عمر إلا اجتهادا ، بأن جعلها في معنى الوطئ المحظور في الصيام ، لأن القبلة التذاذ بالمرأة كما أن الجماع التذاذ بها ، فلما كانت إحدى اللذتين محرمة نصا في الصوم ، جعل عمر حكم اللذة الثانية حكم المنصوص عليها ، فعرفه النبي - صلى الله عليه وسلم - غلطه في اجتهاده ، وأن القبلة مباحة وأوضح له المعنى بتشبيهه بالمضمضة ؛ لأن شرب الصائم الماء حرام ، وهو وصول الماء إلى باطن بدنه ، والمضمضة مباحة ، لأن ذلك ظاهر البدن ، فلم يكن ظاهر البدن قياس باطنه ، وكذلك الجماع المحظور ، إنما هو مباشرة بدنه لباطن بدنها للذة ، فليس مباشرته لها بظاهر بدنها قياس ذلك ، كما لم يكن ذلك في وصول الماء ، غير أن أمر المضمضة أوضح في مفارقته للشرب من القبلة ، ألا ترى أنه قد جمع بين تحريم القبلة والجماع في الحج والاعتكاف ، ولم يجمع بين تحريم المضمضة وبين الشرب في موضع من المواضع فعرف ولم يكن تقدم في القبلة نص كتاب ولا سنة ، فلم يكن تحريمها عند عمر الأوضح منها ، وهو المضمضة .