بسم الله الرحمن الرحيم .
"
nindex.php?page=treesubj&link=28971بسم الله " أي باسم مسمى هذا اللفظ الأعظم ، الموصوف بأوصاف الكمال ، فالباء متعلقة بمحذوف ، وتقديره فعلا خاصا مؤخرا أولى من تقديره اسما عاما مقدما ، أما أولوية كونه فعلا ; فلأنه الأصل في العمل ، وحينئذ فمحل الجار والمجرور النصب على المفعولية بالفعل المقدر ، وأما أولوية كونه خاصا ; فلأنه أدل على المطلوب ، فتقدير أؤلف عند التأليف أولى من أبتدئ ، وكذا عند القراءة ونحو ذلك ، فيقدر عند كل أمر ما يناسبه ، وأما أولوية تقديره مؤخرا فلأمرين : أحدهما الاهتمام بالابتداء باسم الله - تعالى - لفظا وتقديرا ; لأنه - تعالى -
[ ص: 29 ] مقدم ذاتا ، فقدم ذكرا ليوافق الاسم المسمى ، والثاني لإفادة التخصيص ، كما في قوله - تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين ) ، لا يقال الأولى . ملاحظة : قوله - تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك ) ; لأنا نقول المطلوب الأهم ثم القراءة ; لأنها أول ما نزل عليه - صلى الله عليه وسلم - وأول ما طرق المسامع الشريفة من الوحي ، فكان الأنسب تقديم القراءة لمزيد الاعتناء بها ، والاهتمام لها .
وحذفت همزة الوصل من الاسم خطا كما حذفت لفظا ، وكتبت الباء متصلة بالسين لكثرة الاستعمال ، وطولت الباء للتعظيم ، ولتكون كالعوض عن الهمزة ، ويروى عن أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه ضرب من لم يطول الباء . وهي للاستعانة أو المصاحبة أو التعدية ، أي : أقدم اسم الله ، وأجعله ابتداء نظمي وتأليفي . والاسم لغة : ما دل على مسمى ، وعرفا : ما دل مفردا على معنى في نفسه ، ولم يقترن بزمان . والتسمية جعل اللفظ دالا على المعنى ، وهو مشتق عند البصريين من السمو وهو العلو ; لأنه يدل على مسماه فيعليه ويظهره ، وعند الكوفيين من السمة وهي العلامة ; لأنه علامة على مسماه ، وأوصل بعضهم لغات الاسم إلى ثمانية عشر ، ونظمها في قوله : ثمان وعشر من لغات أتت لنا في الاسم بنص العارفين بنقلها سم سمة اسم سماء كذا سما سماة بتثليث الأوائل كلها .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
"
nindex.php?page=treesubj&link=28971بِسْمِ اللَّهِ " أَيْ بَاسْمِ مُسَمَّى هَذَا اللَّفْظِ الْأَعْظَمِ ، الْمَوْصُوفِ بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ ، فَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ ، وَتَقْدِيرُهُ فِعْلًا خَاصًّا مُؤَخَّرًا أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِهِ اسْمًا عَامًّا مُقَدَّمًا ، أَمَّا أَوْلَوِيَّةُ كَوْنِهِ فِعْلًا ; فَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْعَمَلِ ، وَحِينَئِذٍ فَمَحَلُّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ النَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بِالْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ ، وَأَمَّا أَوْلَوِيَّةُ كَوْنِهِ خَاصًّا ; فَلِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ ، فَتَقْدِيرُ أُؤَلِّفُ عِنْدَ التَّأْلِيفِ أَوْلَى مِنْ أَبْتَدِئَ ، وَكَذَا عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَيُقَدَّرُ عِنْدَ كُلِّ أَمْرٍ مَا يُنَاسِبُهُ ، وَأَمَّا أَوْلَوِيَّةُ تَقْدِيرِهِ مُؤَخَّرًا فَلِأَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا الِاهْتِمَامُ بِالِابْتِدَاءِ بِاسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - لَفْظًا وَتَقْدِيرًا ; لِأَنَّهُ - تَعَالَى -
[ ص: 29 ] مُقَدَّمٌ ذَاتًا ، فَقُدِّمَ ذِكْرًا لِيُوَافِقَ الِاسْمُ الْمُسَمَّى ، وَالثَّانِي لِإِفَادَةِ التَّخْصِيصِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) ، لَا يُقَالُ الْأُولَى . مُلَاحَظَةٌ : قَوْلُهُ - تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) ; لِأَنَّا نَقُولُ الْمَطْلُوبُ الْأَهَمُّ ثُمَّ الْقِرَاءَةُ ; لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوَّلُ مَا طَرَقَ الْمَسَامِعَ الشَّرِيفَةَ مِنَ الْوَحْيِ ، فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَ الْقِرَاءَةِ لِمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ بِهَا ، وَالِاهْتِمَامِ لَهَا .
وَحُذِفَتْ هَمْزَةُ الْوَصْلِ مِنَ الِاسْمِ خَطًّا كَمَا حُذِفَتْ لَفْظًا ، وَكُتِبَتِ الْبَاءُ مُتَّصِلَةً بِالسِّينِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ ، وَطُوِّلَتِ الْبَاءُ لِلتَّعْظِيمِ ، وَلِتَكُونَ كَالْعِوَضِ عَنِ الْهَمْزَةِ ، وَيُرْوَى عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ ضَرَبَ مَنْ لَمْ يُطَوِّلِ الْبَاءَ . وَهِيَ لِلِاسْتِعَانَةِ أَوِ الْمُصَاحَبَةِ أَوِ التَّعْدِيَةِ ، أَيْ : أُقَدِّمُ اسْمَ اللَّهِ ، وَأَجْعَلُهُ ابْتِدَاءَ نَظْمِي وَتَأْلِيفِي . وَالِاسْمُ لُغَةً : مَا دَلَّ عَلَى مُسَمًّى ، وَعُرْفًا : مَا دَلَّ مُفْرَدًا عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهِ ، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِزَمَانٍ . وَالتَّسْمِيَةُ جَعْلُ اللَّفْظِ دَالًّا عَلَى الْمَعْنَى ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ ; لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مُسَمَّاهُ فَيُعْلِيهِ وَيُظْهِرُهُ ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ مِنَ السِّمَةِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ ; لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى مُسَمَّاهُ ، وَأَوْصَلَ بَعْضُهُمْ لُغَاتِ الِاسْمِ إِلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَنَظَمَهَا فِي قَوْلِهِ : ثَمَانٍ وَعَشْرٌ مِنْ لُغَاتٍ أَتَتْ لَنَا فِي الِاسْمِ بِنَصِّ الْعَارِفِينَ بِنَقْلِهَا سِمٌ سِمَةٌ اسْمٌ سَمَاءٌ كَذَا سُمَا سُمَاةٌ بِتَثْلِيثِ الْأَوَائِلِ كُلِّهَا .