الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 159 ] تنبيهات

" الأول " زعمت الفلاسفة أنه تعالى لا يعلم الجزيئات من حيث كونها جزيئات زمانية يلحقها التغير ، قالوا : لأن تغير المعلوم يستلزم تغير العلم ، وذلك يستلزم تغير الذات ، وهو محال على الله تعالى .

بيان لزوم ذلك أنه لو كان عالما بأن زيدا جالس في المكان الفلاني فعند خروج زيد منه فإما أن يبقى ذلك العلم أو لا ، فإن بقي لزم الجهل ، وإن كان الثاني لزم التغير في علمه ، وهو قائم به ، فيلزم قيام الحوادث به ، وهو محال . والجواب : اختيار الثاني ، ومنع التغير في نفس العلم ، فإن المتغير تعلقه لا نفسه ، وتغاير الإضافات والنسب جائز .

وأجاب الفلاسفة عن هذا مشايخ السنة ومشايخ المعتزلة بأن علم الباري بأن الشيء سيوجد نفس العلم بأنه وجد ، فإن من علم أن زيدا سيدخل البلد غدا ، فعند حصول الغد يعلم بهذا العلم أنه دخل البلد الآن ، وإنما يحتاج أحدنا لعلم آخر لطريان الغفلة عن الأول ، والباري منزه عن ذلك ، فلا يلزم من علمه بالجزئيات تغير أصلا في علمه تعالى .

وهذه إحدى ما كفر أهل الإسلام الفلاسفة بها . ولهم من أمثالها الطامات المعضلات فلا يهولنك ما ينسب إليهم من المعارف ودقائق الأفكار فما منهم إلا المخالف أو على شفا جرف هار .

التالي السابق


الخدمات العلمية