الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيهان :

هذه المسألة يترجمها بعض القوم بمسألة وعيد الفساق ، وبعضهم بمسألة عقوبة العصاة ، وبعضهم بمسألة انقطاع عذاب أهل الكبائر ، وضابطها أن يرتكب المؤمن كبيرة ؛ غير مكفر بلا استحلال ويموت بلا توبة ، وقد اختلف الناس في حكمه كما تقدم ، فأهل السنة لا يقطعون له بالعقوبة ولا بالعفو ، بل هو في مشيئة الله - تعالى - ، وإنما يقطعون بعدم الخلود في النار بمقتضى ما سبق من وعده وثبت بالدليل ، خلافا للمعتزلة في قولهم : نقطع له بالعذاب الدائم ، والبقاء المخلد في النار ، لكنه عندهم يعذب عذاب الفساق لا عذاب الكفار ، وأما الخوارج فعندهم أنه يعذب عذاب الكفار لكفره عندهم ، والدليل لمذهب أهل الحق الآيات والأحاديث الدالة على أن المؤمنين يدخلون الجنة ، فإن كان بعد العذاب ودخول النار فهي مسألة انقطاع العذاب ، وإن كان قبل ذلك فهي مسألة العفو التام ، قال - تعالى - : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة وقال - صلى الله عليه وسلم - : " من قال لا إله إلا الله دخل الجنة " وقال : " من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة وإن زنى ، وإن سرق " وكقوله - صلى الله عليه وسلم - : " يخرج من النار قوم بعد ما امتحشوا وصاروا حمما وفحما ، فيفرقون على أنهار الجنة ويرش عليهم من مائها ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل فيحيون ويعودون لحالهم الأولى وأحسن " وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان " ، وسيأتي تمام هذا بعد ، إن شاء الله - تعالى - .

التالي السابق


الخدمات العلمية