الفرقة الخامسة الجبرية
الذين يقولون : إنا مجبرون على أفعالنا ، ويسندون الأفعال إلى الله - تعالى ، فمنهم ( متوسطة ) ، يسندون الفعل إلى الله ، ويثبتون للعبد كسبا ، ( وخالصة ) ، لا تثبت للعبد شيئا كالجهمية أصحاب ، قالوا : لا قدرة للعبد أصلا ، والله - سبحانه وتعالى - لا يعلم الشيء قبل وقوعه ، وعلمه - تعالى - حادث لا في محل ، ولا يوصف بما يوصف به غيره ، كالعلم والقدرة والإرادة . والجنة والنار يفنيان . ووافقوا الجهم بن صفوان المعتزلة في نفي الرؤية ، وخلق الكلام ، وإيجاب المعرفة بالعقل . وقول الجهمية من أعظم مقالات أهل الإفك والضلال باتفاق سلف الأمة وأئمتها ، حتى إن الإمام لما سئل عن الاثنتين وسبعين فرقة ، أجاب بأن أصولها أربعة : عبد الله بن المبارك الشيعة ، والخوارج ، والمرجئة ، والقدرية . فقيل له فالجهمية ؟ فقال : ليست الجهمية من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم . وكان يقول : إنا لنحكي قول اليهود والنصارى ، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية ، فإن الجهمية تارة تقول بالحلول ، وتارة قولها إلى [ ص: 91 ] التعطيل . انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته الحموية : إنما أخذ من تلامذة أصل مقالة التعطيل للصفات اليهود والمشركين وضلال الصابئين . قال : فإنه أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام ، وأخذها عنه الجعد بن درهم ، وأظهرها فنسبت مقالة الجهم بن صفوان الجهمية إليه ، وقد قيل : إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان ، وأخذها أبان من طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم ، وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي سحر النبي - صلى الله عليه وسلم ، وكان الجعد هذا فيما قيل من أهل حران ، وكان فيهم خلق كثير من الصابئة والفلاسفة بقايا أهل دين النمرود الكنعانيين ، وأخذها أيضا الجهم عن السمنية بعض فلاسفة الهند ، وهم الذين يجحدون من العلوم ما سوى الحسيات ، فهذه أسانيد الجهم ترجع إلى اليهود والنصارى ، والصابئين والمشركين ، والفلاسفة الضالين ، والله أعلم .