الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الشكوى من تولي الجهال الأمر

وقد حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي ، حدثنا أحمد بن يحيى ، أخبرني أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي ، قال : كان من كلام علي بن أبي طالب عليه السلام وكثيرا ما يقوله في حروبه : اللهم أنت أرضى للترضي ، وأسخط للسخط ، وأقدر على أن تغير ما كرهت ، وأعلم بما تقدر ، ولا تغلب على باطل ، ولا تعجز عن حق ، وما أنت بغافل عما يعمل الظالمون .  

ثم إني أقول : اللهم إني أستعدي على الوسائط الفجار ، والسفراء الأشرار ، وكل ساخط خامل ، وسفيه جاهل ، ممن قدم على نبيه فاضل ، ورضي به بدلا من كل عالم عاقل ، فهو يغر إمامه ، ويفجر أمامه وتأملوا أيها الألباء قضاة الحضرة ، والعراقين الكوفة والبصرة ، بله أطراف البلاد ورسا تيق السواد ، أين هم من العلم بالكتاب والسنة وفقه الشريعة ؟ وأي حظ لهم من العدالة والعفاف والأمانة ؟ وقد كان الأئمة فيما مضى ربما دلس عليهم في أعمالهم من هو على بعض الصفات التي قدمنا ذكرها ، فينتبه الراقد منهم [ ص: 369 ] من غفلته ، ويستيقظ الوسنان من رقدته ، ويقبل على سوام رعيته ، فيبني ما انهدم ، ويسد ما انثلم ، ويستدرك الفاسد بإصلاحه ، ويتلافى التفريط باستصلاحه ، وكانت الرعايا تمتعض من منكر هذا النوع ، وتشمئز منه فلا تقار عليه ، فيؤدي ذلك إلى رفض الأراذل ، واجتباء الأماثل ، وتقديم الأفاضل ، ولم يكن أحد يقلد شيئا من شعب الدين والمملكة ، إلا بعد الابتلاء والخبرة ، والامتحان والتجربة .

التالي السابق


الخدمات العلمية