آراء في تفسير الآية
قال القاضي : جاء هذا الخبر بتلاوة هذه الآية وتأويلها ووردت بتلاوتها فيه على قراءة من قرأ : " وأسبغ عليكم نعمة " بلفظ التوحيد وهي قراءة كثير من المكيين والكوفيين ، وقد قرأها كثير من المدنيين والشاميين والبصريين " وأسبغ عليكم نعمه " على لفظ الجمع وهما قراءتان مشهورتان قد استفاض نقلهما ، وقرأت الأئمة بهما وراثة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعناهما يرجع إلى معنى واحد لأن قائلا لو قال : ما يتقلب فيه فلان من المال والولد والصحة والأمن وأنواع الخير وجميل الستر نعمة أسداها الله تعالى إليه ، أو قال هذه نعم من الله تعالى تفضل بها عليه ، لكان القولان صحيحين ، وكذلك تقارب المعنى في قراءة من قرأ : فانظر إلى آثار رحمت الله ومن قرأ : "أثر رحمة الله " وقراءة من قرأ : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته وخطيئاته وقد قيل إن معنى قوله خطيئته في هذا الموضع الشرك ، وقيل بل كبائر ذنوبه التي مات ولم يتب منها . وروي عن عبد الله بن كثير أنه قال في وأسبغ عليكم نعمه هي شهادة أن لا إله إلا الله في ما زعموا ، وقيل بل هو عام شامل للنعم؛ ومثل هذا في القرآن كثير . وقيل إن هذا مما ينبئ الواحد منه عن جملة جنسه ، كقولهم : هلكت الشاة والبعير ، وكثر الدرهم والدينار في أيدي الناس ، وقال الله تعالى ذكره : معنى قوله تعالى : والعصر إن الإنسان لفي خسر أراد الجنس دون اختصاص إنسان واحد ، ألا ترى أنه استثنى منه جمعا فقال : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهذا باب مستقصى في ما رسمناه من علوم القرآن .
[ ص: 481 ]