قال القاضي: قول الأرقمي في هذا الخبر اثنا عشر ذراعا وستة عشرة ذراعا على لغة من ذكر الذراع، والتأنيث فيها أظهر، وإن كانت اللغتان فيها قد حكيتا.
أنشدنا في التأنيث محمد بن القاسم الأنباري قال أنشدنا عن أبو العباس سلمة عن الفراء:
أرقى عليها وهي فرع أجمع وهي ثلاث أذرع وإصبع
[ ص: 619 ] وحدثنا ابن الأنباري قال: حدثني أبي عن عن محمد بن عبد الحكم اللحياني قال: قال: ولم يعرف الأصمعي التذكير فيهما. قال الذراع والكراع يذكران ويؤنثان، ابن الأنباري وحكى السجستاني عن أبي زيد أنه قال: الذراع يذكر ويؤنث، وقولهم هذا ثوب سبع في ثمانية، ذكروا ثمانية وأنثوا سبعا؛ لأنهم أرادوا سبع أذرع في ثمانية أشبار، والشبر مذكر؛ فلذلك ألحقوا الهاء في ثمانية. وقال عند ذكره تأنيث الذراع: وقد ذكر الذراع بعض الفراء عكل فقال: الثوب خمسة أذرع وستة أذرع وخمس أذرع وست أذرع. الواحدة نمرقة بضم النون والراء فيما حكى اللغويون وذكر وقوله: وفي البيت نمرقتان أنه سمع بعض الفراء كلب يقول نمرقة بكسرهما وتجمع نمارق وهي الوسائد والمرافق، قال الله تعالى ذكره: ونمارق مصفوفة ومن هذا قول امرأة من بني عجل في يوم ذي قار تحض قومها على قتال الأعاجم:
إن تقدموا نعانق ونفرش النمارق
أو تهزموا نفارق فراق غير وامق
وقالت على نحو هذا هند بنت عتبة:
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
ونلبس اليلامق إن تقبلوا نعانق
أو تدبروا نفارق فراق غير وامق
ومن النمارق قول ذي الرمة:
كان فؤادي قلب جاني مخوفة على النفس إذ يكسين وشي النمارق
فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا في رأس غمدان دارا منك محلالا
إن كنت لا تشفين غلة عاشق كلف بحبك يا جبيرة صادي
فانهي خيالك أن يزور فإنه في كل منزلة يعود وسادي
وقال الأسود بن يعفر:
نام الخلي وما أحس رقادي والهم محتضر لدي وسادي
[ ص: 620 ] قد يقال في الوسادة إسادة فتبدل الواو همزة استثقالا لابتداء الكلمة بها كما قالوا: إشاح ووشاح ووجوه وأجوه، وحكي عن العرب سماعا: ما أحسن هذه الأجوه، في كثير من الكلام، ومنه قول الشاعر:
يحل أحيده ويقال بعل ومثل تمول منه افتقار
أصله وحيده. وهذا باب نأتي على شرحه وتفصيله وذكر جائزه وممتنعه وما هو مرسوم فيه، وقد قرأت عامة القرأة وإذا الرسل أقتت وهو من الوقت، وقرأ أبو جعفر المدني وقتت بالواو والتخفيف، وقرأ أبو عمرو بالواو وقتت، على الأصل أيضا، إلا أنه شدده؛ وهم يكرهون كثيرا افتتاح الكلام بالواو، وخاصة إذا تكررت، وقالوا إن ذلك يشبه بنباح الكلاب، وقالوا في تصغير واصل أويصل وفي جمعه أواصل فقلبوا الواو همزة، ويقولون حضر زيد وواصل فلا يقلبون؛ لأن الواو زيدت للعطف كالفاء وثم وليست من سنخ الكلام في أصلها، ويقال: فلان يتوسد القرآن، وهذا يكون مدحا بمعنى يجعله وسادة أي: يتلوه مكان توسده إياه، ويكون ذما أي: ينام عن القيام به وتأدية الحق فيه. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في رجل ذكر عنده: " ذاك رجل لا يتوسد القرآن ". وروي أنه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل تحت وساده خيطين أسود وأبيض فلم يبن له بذلك أمر الفجر، فقال له: إنك لعريض الوسادة، عدي بن حاتم ويروى عنه أنه قال: لعريض القفا، إنما هو بياض النهار من سواد الليل. فأما اشتقاق اسم المرفقة من المرفق فهو باب معروف مستمر، ألا ترى أنهم يقولون مخدة من الخد لأنه يوضع عند الاضطجاع عليها، ويقولون مصدغة من الصدغ، وقد يقولون مزدغة فيبدلون من الصاد زايا لسكونها وإتيان الدال تالية لها، وهذه لغة معروفة في العربية، وقد قرأ بعض القرأة بها في مواضع من القرآن كقوله يصدر ويصدقون وقصد السبيل. عن فاللحمة لحمة الثوب، والسدى سداه، واللام هاهنا مفتوحة، فأما لحمة النسب فمضمومة، وكذلك لحمة البازي والصقر وهو ما أطعمه إذا صاد. وقوله: قد ذهبت عنها اللحمة وبقي السدى، فإنه يقال منه: امرأة رسحاء ورجل أرسح إذا كان مؤخرهما من العجز وما والاه عاريا من اللحم. وقول وقوله: من رسحها غرير: وأخذت شاذكونة معناه وسادة، وهي عندي في الأصل فارسية تكلم بها من تكلم من العرب، وهي مشتقة من موضع الجلوس ويقال له بالفارسية "كون" وهذا من الباب الذي بينا الاشتقاق فيه كالمصدغة والمخدة. وقد فسر أبو عبيدة الزرابي في قول الله جل ثناؤه: وزرابي مبثوثة فقال: هي البسط، كما قال غيره من أهل التأويل والعربية، ثم قال: واحدها زربية، ثم قال: والزرابي في لغة أخرى الشواذكين وأتى به على هذا اللفظ في الجمع. حكى بذلك نداء من يطوف بالدجر من باعته ويعرض بيعه بالنوى، كأنه يقول اشتروا الدجر بالنوى، أو يعني الدجر يباع بالنوى، وقوله: الدجر بالنوى
[ ص: 621 ] والدجر من أسماء اللوبيا، وله أسماء ذوات عدد: اللوبياء واللوبيا بالمد والقصر، وليا الواحدة لياءة، ويقال للجارية المستحسنة كأنها لياءة مقشورة، وروي عن بعضهم أنه قال: دخلت على معاوية وفي يده لياء مقشو أي مقشور، ويقال له اللوبياج والأحبل والحبيل والدجر.