فصل في بيان ضد التوحيد وهو الشرك وكونه ينقسم إلى قسمين أكبر وأصغر ، وبيان كل منهما .
قد قدمنا انقسام التوحيد إلى قسمين : توحيد المعرفة والإثبات ، وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات ، وتوحيد الطلب والقصد وهو توحيد الإلهية والعبادة ، ولكل من هذه الأنواع ضد يفهم من تعريفه ، فإذا عرفت أن هو الإقرار بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المحي المميت المدبر لجميع الأمور المتصرف في كمل مخلوقاته لا شريك له في ملكه ، فضد ذلك هو اعتقاد العبد وجود متصرف مع الله غيره فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل . وإذا عرفت أن توحيد الربوبية هو أن يدعى الله تعالى بما سمى به نفسه ويوصف بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله توحيد الأسماء والصفات محمد صلى الله عليه وسلم وينفى عنه التشبيه والتمثيل ، فضد ذلك شيئان ويعمهما اسم الإلحاد : أحدهما نفي ذلك عن الله عز وجل وتعطيله عن صفات كماله ونعوت جلاله الثابتة بالكتاب والسنة ، ثانيهما تشبيه صفات الله تعالى بصفات خلقه ، وقد قال تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ( الشورى : 11 ) وقال تعالى : ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما ) ( طه : 110 ) . وإذا عرفت أن هو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة ونفي العبادة عن كل ما سوى الله تبارك وتعالى ، فضد ذلك هو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله عز وجل ، وهذا هو الغالب على عامة المشركين ، وفيه الخصومة بين جميع الرسل وأممها . توحيد الإلهية