الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

      الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

      صفحة جزء
      [ نصوص الكتاب والسنة في لقاء الله ]

      وباللقا والبعث والنشور وبقيامنا من القبور


      غرلا حفاة كجراد منتشر     يقول ذو الكفران ذا يوم عسر

      [ ص: 749 ] أي ويدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بلقاء الله عز وجل الحاصل فيه ، قال الله تعالى : ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون ) ( البقرة : 45 ) وقال تعالى : ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) ( الانشقاق : 6 ) وقال تعالى : ( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) ( الكهف : 110 ) وقال تعالى : ( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ) ( يونس : 7 - 8 ) وقال تعالى : ( قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها ) ( الأنعام : 31 ) .

      وقال تعالى : ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله ) ( يونس : 15 ) وقال تعالى : ( من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم ) ( العنكبوت : 5 ) وقال تعالى : ( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ) ( البقرة : 223 ) وقال تعالى : ( قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) ( البقرة : 249 ) وقال تعالى : ( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) ( الفرقان : 32 ) وقال تعالى : ( فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) ( التوبة : 77 ) وقال تعالى : ( إنهم كانوا لا يرجون حسابا ) ( النبأ : 27 ) وغيرها من الآيات .

      وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " . فقلت : يا نبي الله ، أكراهية الموت ؟ فكلنا نكره الموت . فقال : " ليس كذلك ، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه ، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه - وفي رواية - والموت قبل لقاء الله " .

      [ ص: 750 ] وفيه عن شريح بن هانئ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " . قال فأتيت عائشة فقلت : يا أم المؤمنين ، سمعت أبا هريرة يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا إن كان كذلك فقد هلكنا . فقالت : إن الهالك من هلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما ذاك ؟ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " ، وليس من أحد إلا وهو يكره الموت . فقالت : وقد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس بالذي تذهب إليه ولكن إذا شخص البصر وحشرج الصدر واقشعر الجلد وتشنجت الأصابع فعند ذلك من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه . وفيه عن عبادة بن الصامت وأبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم المرفوع منه دون شرحه .

      وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة ؟ قالوا : لا . قال : فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة ؟ قالوا : لا . قال : فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما . قال فيلقى العبد فيقول أي فل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى . قال فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : فإني أنساك كما نسيتني . ثم يلقى الثاني فيقول : أي فل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى أي رب . فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا . فيقول : فإني أنساك كما نسيتني . ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول : يا رب ، آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع ، فيقول : هاهنا إذا . قال ثم يقال له : [ ص: 751 ] الآن نبعث شاهدنا عليك . ويتفكر في نفسه من الذي يشهد علي ؟ فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله ، وذلك ليعذر من نفسه ، وذلك المنافق ، وذلك الذي يسخط الله عليه " .

      وفي حديث القراء أصحاب بئر معونة : " بلغوا قومنا عنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه " .

      وروي أنه كان قرآنا فنسخت تلاوته .

      والآيات والأحاديث في إثبات لقاء الله عز وجل كثيرة جدا ، ومن كذب بذلك كفر .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية