صنع : صنعه يصنعه صنعا ، فهو مصنوع وصنع : عمله . وقوله تعالى : صنع الله الذي أتقن كل شيء قال أبو إسحاق : القراءة بالنصب ويجوز الرفع ، فمن نصب فعلى المصدر ؛ لأن قوله تعالى : وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب دليل على الصنعة ، كأنه قال صنع الله ذلك صنعا ، ومن قرأ صنع الله فعلى معنى ذلك صنع الله . واصطنعه : اتخذه . وقوله تعالى : واصطنعتك لنفسي تأويله اخترتك لإقامة حجتي وجعلتك بيني وبين خلقي حتى صرت في الخطاب عني والتبليغ بالمنزلة التي أكون أنا بها لو خاطبتهم واحتججت عليهم ؛ وقال الأزهري : أي ربيتك لخاصة أمري الذي أردته في فرعون وجنوده . وفي حديث آدم : قال لموسى عليهما السلام : أنت كليم الله الذي اصطنعك لنفسه ، قال ابن الأثير : هذا تمثيل لما أعطاه الله من منزلة التقريب والتكريم . والاصطناع : افتعال من الصنيعة ، وهي العطية والكرامة والإحسان . وفي الحديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ، ثم قال : لا توقدوا بليل نارا قوله : اصطنعوا ؛ أي : اتخذوا صنيعا ، يعني طعاما تنفقونه في سبيل الله . ويقال : اصطنع فلان خاتما إذا سأل رجلا أن يصنع له خاتما . روى أوقدوا واصطنعوا ، فإنه لن يدرك قوم بعدكم مدكم ، ولا صاعكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطنع خاتما من ذهب كان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه ، فصنع الناس ، ثم إنه رمى به أي أمر أن يصنع له ، كما تقول اكتتب أي أمر أن يكتب له ، والطاء بدل من تاء الافتعال لأجل الصاد . واستصنع الشيء : دعا إلى صنعه ؛ وقول ابن عمر أبي ذؤيب :
إذا ذكرت قتلى بكوساء أشعلت كواهية الأخرات رث صنوعها
قال : صنوعها جمع لا أعرف له واحدا . والصناعة : حرفة الصانع وعمله الصنعة . والصناعة : ما تستصنع من أمر ؛ ورجل صنع اليد وصناع اليد من قوم صنعى الأيدي وصنع وصنع ، وأما ابن سيده ، فقال : لا يكسر صنع استغنوا عنه بالواو والنون . ورجل صنيع اليدين وصنع اليدين بكسر الصاد أي صانع حاذق ، وكذلك رجل صنع اليدين بالتحريك ؛ قال سيبويه أبو ذؤيب :وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع
صناع بإشفاها حصان بفرجها جواد بقوت البطن والعرق زاخر
أطافت به النسوان بين صنيعة وبين التي جاءت لكيما تعلما
صنع اليدين بحيث يكوى الأصيد
وقال آخر :أنبل عدوان كلها صنعا
وفي حديث عمر : حين جرح ، قال : انظر من قتلني ، فقال : غلام لابن عباس ، قال : الصنع ؟ قال : نعم . يقال : رجل صنع ، وامرأة صناع إذا كان لهما صنعة يعملانها بأيديهما ويكسبان بها . ويقال : امرأتان صناعان في التثنية ؛ قال المغيرة بن شعبة رؤبة :إما تري دهري حناني حفضا أطر الصناعين العريش القعضا
[ ص: 292 ]
أهدى لهم مدحي قلب يؤازره فيما أراد لسان حائك صنع
وهي صناع باللسان واليد
وأصنع الرجل إذا أعان أخرق . والمصنعة الدعوة يتخذها الرجل ويدعو إخوانه إليها ، قال الراعي :ومصنعة هنيد أعنت فيها
قال : يعني مدعاة . وصنعة الفرس : حسن القيام عليه . وصنع الفرس يصنعه صنعا صنعة ، وهو فرس صنيع : قام عليه . وفرس صنيع للأنثى بغير هاء ، وأرى الأصمعي اللحياني خص به الأنثى من الخيل ، وقال : عدي بن زيدفنقلنا صنعه حتى شتا ناعم البال لجوجا في السنن
سود صناعية إذا ما أوردوا صدرت عتومهم ولما تحلب
مرط القذاذ فليس فيه مصنع لا الريش ينفعه ولا التعقيب
بلينا وما تبلى النجوم الطوالع وتبقى الديار بعدنا والمصانع
لا أحب المثدنات اللواتي في المصانيع لا ينين اطلاعا
نفي الدراهيم تنقاد الصياريف
وقد يجوز أن يكون جمع مصنوع ومصنوعة كمشئوم ومشائيم ومكسور ومكاسير . وفي التنزيل : وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون المصانع في قول بعض المفسرين : الأبنية ، وقيل : هي أحباس تتخذ للماء ، واحدها مصنعة ومصنع ، وقيل : هي ما أخذ للماء . قال الأزهري : سمعت العرب تسمي أحباس الماء الأصناع والصنوع ، واحدها صنع ؛ وروى أبو عبيد عن أبي عمرو ، قال : الحبس مثل المصنعة والزلف المصانع ؛ قال : وهي مساكات لماء السماء يحتفرها الناس فيملؤها ماء السماء يشربونها . وقال الأصمعي : العرب تسمي القرى مصانع ، واحدتها مصنعة ؛ قال الأصمعي ابن مقبل :أصوات نسوان أنباط بمصنعة بجدن للنوح واجتبن التبابينا
بنى زياد لذكر الله مصنعة من الحجارة لم ترفع من الطين
إن الصنيعة لا تكون صنيعة حتى يصاب بها طريق المصنع
وجاءت وركبانها كالشروب وسائقها مثل صنع الشواء
أتتك العيس تنفح في براها تكشف عن مناكبها القطوع
بأبيض من أمية مضرحي كأن جبينه سيف صنيع وسهم صنيع
وارموهم بالصنع المحشوره
وصنعاء ممدودة : بلدة ، وقيل : هي قصبة اليمن ؛ فأما قوله :لا بد من صنعا وإن طال السفر
فإنما قصر للضرورة ، والإضافة إليه صنعاني على غير قياس ، كما قالوا في النسبة إلى حران حرناني ، وإلى مانا وعانا مناني وعناني ، والنون فيه بدل من الهمزة في صنعاء ؛ حكاه ؛ قال سيبويه : ومن حذاق أصحابنا من يذهب إلى أن النون في صنعاني ، إنما هي بدل من الواو التي تبدل من همزة التأنيث في النسب ، وأن الأصل صنعاوي ، وأن النون هناك بدل من هذه الواو كما أبدلت الواو من النون في قولك : من وافد ، وإن وقفت وقفت ونحو ذلك ، قال : وكيف تصرفت الحال فالنون بدل من بدل من الهمزة ، قال : وإنما ذهب من ذهب إلى هذا لأنه لم ير النون أبدلت من الهمزة في غير هذا ، قال : وكان يحتج في قولهم إن نون فعلان بدل من همزة فعلاء فيقول : ليس غرضهم هنا البدل الذي هو نحو قولهم في ذئب ذيب ، وفي جؤنة جونة ، وإنما يريدون أن النون تعاقب في هذا الموضع الهمزة كما تعاقب لام المعرفة التنوين أي لا تجتمع معه ، فلما لم تجامعه قيل إنها بدل منه ، وكذلك النون والهمزة . والأصناع : موضع ؛ قال ابن جني عمرو بن قميئة :وضعت لدى الأصناع ضاحية فهي السيوب وحطت العجل
إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستحي فاصنع ما تشاء