الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شوب

                                                          شوب : الشوب : الخلط . شاب الشيء شوبا : خلطه . وشبته أشوبه : خلطته ، فهو مشوب . واشتاب هو ، وانشاب : اختلط ; قالأبو زبيد الطائي :


                                                          جادت مناصبه شفان غادية بسكر ورحيق شيب فاشتابا

                                                          ويروى : فانشابا ، وهو أذهب في باب المطاوعة . والشوب والشياب : الخلط ; قال أبو ذؤيب :


                                                          وأطيب براح الشام جاءت سبيئة     معتقة صرفا وتلك شيابها

                                                          والرواية المعروفة :


                                                          فأطيب براح الشام صرفا وهذه     معتقة صهباء وهي شيابها

                                                          قال : هكذا أنشده أبو حنيفة ، وقد خلط في الرواية . وقوله تعالى : ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ; أي لخلطا ومزاجا ; يقال للمخلط في القول أو العمل : هو يشوب ويروب . أبو حاتم : سألت الأصمعي عن المشاوب ، وهي الغلف ، فقال : يقال لغلاف القارورة مشاوب على مفاعل ; لأنه مشوب بحمرة وصفرة وخضرة ; قال أبو حاتم : يجوز أن يجمع المشاوب على مشاوب . والمشاوب بضم الميم وفتح الواو : غلاف القارورة ; لأن فيه ألوانا مختلفة . والشياب : اسم ما يمزج . وسقاه الذوب بالشوب ; الذوب : العسل ; والشوب : ما شبته به من ماء أو لبن . وحكى ابن الأعرابي : ما عندي شوب ولا روب ; فالشوب العسل والروب اللبن الرائب ; وقيل : الشوب العسل ، والروب اللبن ، من غير أن يحدا ، وقيل : لا مرق ولا [ ص: 158 ] لبن . ويقال : سقاه الشوب بالذوب ، فالشوب اللبن . والذوب العسل ، قاله ابن دريد . الفراء : شاب إذا خان ، وباش إذا خلط . الأصمعي في باب إصابة الرجل في منطقه مرة ، وإخطائه أخرى : هو يشوب ويروب . أبو سعيد : يقال الرجل إذا نضح عن الرجل : قد شاب عنه وراب إذا كسل . قال : والتشويب أن ينضح نضحا غير مبالغ فيه ، فمعنى قولهم : هو يشوب ويروب أي يدافع مدافعة غير مبالغ فيها ، ومرة يكسل فلا يدافع البتة . قال غيره : يشوب من شوب اللبن ، وهو خلطه بالماء ومذقه ; ويروب أراد أن يقول يروب أي يجعله رائبا خاثرا ، لا شوب فيه ، فأتبع يروب يشوب لازدواج الكلام ، كما قالوا : هو يأتيه الغدايا والعشايا ، والغدايا ليس بجمع للغداة ، فجاء بها على وزن العشايا . أبو سعيد : العرب تقول : رأيت فلانا اليوم يشوب عن أصحابه إذا دافع عنهم شيئا من دفاع . قال : وليس قولهم هو يشوب ويروب من اللبن ، ولكن معناه رجل يروب أحيانا فلا يتحرك ولا ينبعث ، وأحيانا ينبعث فيشوب عن نفسه غير مبالغ فيه . ابن الأعرابي : شاب إذا كذب ، وشاب : خدع في بيع أو شراء . ابن الأعرابي : شاب يشوب شوبا إذا غش ; ومنه الخبر : لا شوب ولا روب أي لا غش ولا تخليط في بيع أو شراء . وأصل الشوب الخلط والروب من اللبن الرائب لخلطه بالماء . ويقال للمخلط في كلامه : هو يشوب ويروب . وقيل : معنى لا شوب ولا روب أنك بريء من هذه السلعة . وروي عنه أنه قال : معنى قولهم : لا شوب ولا روب في البيع والشراء في السلعة تبيعها أي إنك بريء من عيبها . وفي الحديث : يشهد بيعكم الحلف واللغو ، فشوبوه بالصدقة ، أمرهم بالصدقة لما يجري بينهم من الكذب والربا ، والزيادة والنقصان في القول لتكون كفارة لذلك ; وقول سليك بن السلكة السعدي :


                                                          سيكفيك صرب القوم لحم معرص     وماء قدور في القصاع مشيب

                                                          إنما بناه على شيب الذي لم يسم فاعله أي مخلوط بالتوابل والصباغ . والصرب : اللبن الحامض . ومعرص : ملقى في العرصة ليجف ، ويروى مغرص أي طري ، ويروى معرض أي لم ينضج بعد ، وهو الملهوج . وفي المثل : هو يشوب ويروب ، يضرب مثلا لمن يخلط في القول والعمل . وفي فلان شوبة أي خديعة ، وفي فلان ذوبة أي حمقة ظاهرة . واستعمل بعض النحويين الشوب في الحركات ، فقال : أما الفتحة المشوبة بالكسرة فالفتحة التي قبل الإمالة ، نحو فتحة عين عابد وعارف ; قال : وذلك أن الإمالة إنما هي أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة فتميل الألف نحو الياء ، لضرب من تجانس الصوت ، فكما أن الحركة ليست بفتحة محضة ، كذلك الألف التي بعدها ليست ألفا محضة ، وهذا هو القياس ; لأن الألف تابعة للفتحة ، فكما أن الفتحة مشوبة ، فكذلك الألف اللاحقة لها . والشوب : القطعة من العجين . وباتت المرأة بليلة شيباء ، قيل : إن الياء فيها معاقبة ، وإنما هو من الواو ; لأن ماء الرجل خالط ماء المرأة . والشائبة : واحدة الشوائب ، وهي الأقذار والأدناس . وشيبان : قبيلة ; قيل ياؤه بدل من الواو ; لقولهم الشوابنة . وشابة : موضع بنجد وسنذكره في الياء ; لأن هذه الألف تكون منقلبة عن ياء وعن واو ; لأن في الكلام ش و ب ، وفيه ش ي ب ، ولو جهل انقلاب هذه الألف لحملت على الواو ; لأن الألف ههنا عين ، وانقلاب الألف إذا كانت عينا عن الواو أكثر من انقلابها عن الياء ; قال :


                                                          وضرب الجماجم ضرب الأصم     حنظل شابة يجني هبيدا

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية