الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ صيد ]

                                                          صيد : صاد الصيد يصيده ويصاده صيدا إذا أخذه وتصيده واصطاده وصاده إياه . يقال : صدت فلانا صيدا إذا صدته له كقولك بغيته حاجة أي بغيتها له . صاد المكان واصطاده : صاد فيه ؛ قال :


                                                          أحب ما اصطاد مكان تخليه

                                                          وقيل : إنه جعل المكان مصطادا كما يصطاد الوحش . قال سيبويه : ومن كلام العرب صدنا قنوين ، يريد صدنا وحش قنوين ، وإنما قنوان اسم أرض . والصيد : ما تصيد . وقوله تعالى : أحل لكم صيد البحر وطعامه يجوز أن يعنى به عين المتصيد ويجوز أن يكون على قوله صدنا قنوين أي صدنا وحش قنوين . قال ابن سيده : قال ابن جني : وضع المصدر موضع المفعول ، وقيل : كل وحش صيد صيد أو لم يصد ؛ حكاه ابن الأعرابي ؛ قال ابن سيده : وهذا قول شاذ . وقد تكرر في الحديث ذكر الصيد اسما وفعلا ومصدرا ، يقال صاد يصيد صيدا ، فهو صائد ومصيد . وقد يقع الصيد على المصيد نفسه تسمية بالمصدر كقوله تعالى : لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم قيل : لا يقال للشيء صيد حتى يكون ممتنعا حلالا لا مالك له . وفي حديث أبي قتادة ، قال له : أصدتم ؛ يقال : أصدت غيري إذا حملته على الصيد وأغريته به . وفي الحديث : إنا اصدنا حمار وحش ؛ قال ابن الأثير : هكذا ، يروى بصاد مشددة ، وأصله اصطدنا فقلبت الطاء صادا وأدغمت مثل اصبر في اصطبر ، وأصل الطاء مبدلة من تاء افتعل . والمصيدة والمصيدة والمصيدة كله : التي يصاد بها ، وهي من بنات الياء المعتلة ، وجمعها مصايد بلا همز ، مثل معايش جمع معيشة . المصيد والمصيدة بالكسر : ما يصاد به . وبخط الأزهري : المصيد والمصيدة بالفتح . وحكى ابن الأعرابي : صدنا كمأة ؛ قال : وهو من جيد كلام العرب ، ولم يفسره . قال ابن سيده : وعندي أنه يريد استثرنا كما يستثار الوحش . وحكى ثعلب : صدنا ماء السماء أي أخذناه . التهذيب : والعرب تقول خرجنا نصيد بيض النعام ونصيد الكمأة ، والافتعال منه الاصطياد . يقال : اصطاد يصطاد فهو مصطاد والمصيد مصطاد أيضا . وخرج فلان يتصيد الوحش أي يطلب صيدها ؛ قال ابن سيده : وأما قول الشاعر :


                                                          إلى العلمين أدهم الهم والمنى     يريد الفؤاد وحشها فيصادها

                                                          قال : فسره ثعلب فقال : العلمان اسم امرأة ؛ يقول : أريد أن أنساها فلا أقدر على ذلك ، ولم يزد على هذا التفسير . وكلب وصقر صيود ، وكذلك الأنثى ، والجمع صيد . قال : وحكى سيبويه عن يونس صيد أيضا ، وكذلك فيمن قال رسل مخففا ، قال : وهي اللغة التميمية وتكسر الصاد لتسلم الياء . والصيود من النساء : السيئة الخلق . وفي حديث الحجاج : قال لامرأة : إنك كنون كفوت صيود ، أراد أنها تصيد شيئا من زوجها ، وفعول من أبنية المبالغة . والأصيد : الذي لا يستطيع الالتفات ، وقد صيد صيدا وصاد وملك أصيد ، وأصيد الله بعيره ؛ قال ابن سيده : قال سيبويه : لم يعلوا الياء حين لحقته الزيادة ، وإن لم يقولوا اصيد تشبيها له بعور . والصاد عرق بين الأنف والعين . ابن السكيت : الصاد والصيد والصيد داء يصيب الإبل في رءوسها فيسيل مع أنوفها مثل الزبد وتسمو عند ذلك برءوسها . وفي الحديث : أنه قال لعلي : أنت الذائد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه الرجال كما يذاد البعير الصاد ، يعني الذي به الصيد ، وهو داء يصيب الإبل في رءوسها فتسيل أنوفها وترفع رءوسها ، ولا تقدر أن تلوي معه أعناقها . يقال : بعير صاد أي ذو صاد ، كما يقال : رجل مال ويوم راح أي ذو مال وريح . وقيل : أصل صاد صيد بالكسر . قال ابن الأثير : ويجوز أن يروى صاد بالكسر على أنه اسم فاعل من الصدى العطش . قال : والصيد أيضا جمع الأصيد . وقال الليث وغيره : الصيد مصدر الأصيد ، وهو الذي يرفع رأسه كبرا ، ومنه قيل للملك : أصيد لأنه لا يلتفت يمينا ولا شمالا ، وكذلك الذي لا يستطيع الالتفات من داء ، والفعل صيد بالكسر يصيد ؛ قال : وأهل الحجاز يثبتون الياء والواو نحو صيد وعور ، وغيرهم يقول صاد يصاد وعار يعار . قال الجوهري : وإنما صحت الياء فيه لصحتها في أصله لتدل عليه ، وهو اصيد بالتشديد ، وكذلك اعور ؛ لأن عور واعور ؛ معناهما واحد ، وإنما حذفت منه الزوائد للتخفيف ، ولولا ذلك لقلت صاد وعار وقلبت الواو ألفا ، كما قلبتها في خاف ، قال : والدليل على أنه افعل مجئ أخواته على هذا في الألوان والعيوب نحو اسود واحمر ؛ ولذا قالوا عور وعرج للتخفيف ، وكذلك قياس عمي ، وإن لم يسمع ، ولهذا لا يقال من هذا الباب ما أفعله في التعجب ؛ لأن أصله يزيد على الثلاثي ، ولا يمكن بناء الرباعي من الرباعي ، وإنما يبنى الوزن الأكثر من الأقل . وفي حديث ابن الأكوع : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني رجل أصيد أفأصلي في القميص الواحد ، قال : نعم وأزرره ، عليك ولو بشوكة ، قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية ، وهو الذي في رقبته علة لا يمكنه الالتفات معها . قال : والمشهور إني رجل أصيد من الاصطياد . قال : ودواء الصيد أن يكوى موضع بين عينيه فيذهب الصيد ؛ وأنشد :


                                                          أشفي المجانين وأكوي الأصيدا

                                                          والصاد : النحاس ؛ قال أبو عبيد : الصاد قدور الصفر والنحاس ؛ قال حسان بن ثابت :


                                                          رأيت قدور الصاد حول بيوتنا     قبائل سحما في المحلة صيما

                                                          والجمع صيدان والصادي منسوب إليه ، وقيل : الصاد الصفر نفسه . وقال بعضهم : الصيدان النحاس ؛ وقال كعب :


                                                          وقدرا تغرق الأوصال فيه     من الصيدان مترعة ركودا

                                                          والصيدان والصيداء : حجر أبيض تعمل منه البرام . غيره : والصيدان بالفتح برام الحجارة ؛ قال أبو ذؤيب :


                                                          وسود من الصيدان فيها مذانب     نضار إذا لم نستفدها نعارها

                                                          قال ابن بري : يروى هذا البيت بفتح الصاد من الصيدان وكسرها ، فمن فتحها جعل الصيدان جمع صيدانة ، فيكون من باب تمر وتمرة ، ومن كسرها جعلها جمع صاد للنحاس ، ويكون صاد وصيدان بمنزلة تاج وتيجان . وقوله : فيها مذانب نضار ، يريد فيها مغارف معمولة من النضار ، وهو شجر معروف . قال : وأما الحجارة التي تعمل منها القدور فهي الصيداء بالمد . وقال النضر : الصيداء الأرض التي تربتها حمراء غليظة الحجارة مستوية بالأرض . وقال أبو وجزة : الصيداء الحصى ؛ قال الشماخ :


                                                          حذاها من الصيداء نعلا طراقها     حوامي الكراع المؤيدات المعاور

                                                          أي حذاها حوة نعالها الصخور . أبو عمرو : الصيداء الأرض المستوية إذا كان فيها حصى ، فهي قاع ، قال : ويكون في البرمة صيدان وصيداء يكون فيها كهيئة بريق الذهب والفضة وأجوده ما كان كالذهب ؛ وأنشد :


                                                          طلح كضاحية الصيداء مهزول

                                                          وصيدان الحصى : صغارها . والصيداء : أرض غليظة ذات حجارة . وبنو الصيداء : حي من بني أسد . وصيداء : موضع ، وقيل : ماء بعينه . والصائد : الساق بلغة أهل اليمن . ابن السكيت : والصيدانة الغول . والصيدانة من النساء : السيئة الخلق الكثيرة الكلام . وفي حديث جابر : كان يحلف أن ابن صياد الدجال ، وقد اختلف الناس فيه كثيرا ، وهو رجل من اليهود أو دخيل فيهم ، واسمه صاف فيما قيل . وكان عنده شيء من الكهانة أو السحر ، وجملة أمره أنه كان فتنة امتحن الله به عباده المؤمنين ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ثم إنه مات بالمدينة في الأكثر ، وقيل إنه فقد يوم الحرة فلم يجدوه ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية