الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : جماعة محرمون قتلوا صيدا . قال الشافعي رحمه الله : لا يجب عليهم إلا جزاء واحد ، وهو قول أحمد وإسحاق ، وقال أبو حنيفة ومالك والثوري رحمهم الله : يجب على كل واحد منهم جزاء واحد ، حجة الشافعي رحمه الله أن الآية دلت على وجوب المثل ، ومثل الواحد واحد ، وأكد هذا بما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال بمثل قولنا ، حجة أبي حنيفة رحمه الله أن كل واحد منهم قاتل فوجب أن يجب على كل واحد منهم جزاء كامل ، بيان الأول أن جماعة لو حلف كل واحد منهم أن لا يقتل صيدا فقتلوا صيدا واحدا لزم كل واحد منهم كفارة ، وكذلك القصاص المتعلق بالقتل يجب على جماعة يقتلون واحدا ، وإذا ثبت أن كل واحد منهم قاتل وجب أن يجب على كل واحد منهم جزاء كامل لقوله تعالى : ( ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ) فقوله : ( ومن قتله منكم متعمدا ) صيغة عموم فيتناول كل القاتلين . أجاب الشافعي رحمه الله بأن القتل شيء واحد فيمتنع حصوله بتمامه بأكثر من فاعل واحد ، فإذا اجتمعوا حصل بمجموع أفعالهم قتل واحد ، وإذا كان كذلك امتنع كون كل واحد منهم قاتلا في الحقيقة ، وإذا ثبت أن كل واحد منهم ليس بقاتل لم يدخل تحت هذه الآية ، وأما قتل الجماعة بالواحد فذاك ثبت على سبيل التعبد وكذا القول في إيجاب الكفارات المتعددة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية