المسألة الخامسة : قال أهل التحقيق : اعتبار حدوث اللبن كما يدل على وجود الصانع المختار سبحانه ، فكذلك يدل على ، وذلك لأن هذا العشب الذي يأكله الحيوان إنما يتولد من الماء والأرض ، فخالق العالم دبر تدبيرا ، فقلب ذلك الطين نباتا وعشبا ، ثم إذا أكله الحيوان دبر تدبيرا آخر فقلب ذلك العشب دما ، ثم دبر تدبيرا آخر فقلب ذلك الدم لبنا ، ثم دبر تدبيرا آخر فحدث من ذلك اللبن الدهن والجبن ، فهذا يدل على أنه تعالى قادر على أن يقلب هذه الأجسام من صفة إلى صفة ، ومن حالة إلى حالة ، فإذا كان كذلك لم يمتنع أيضا أن يكون قادرا على أن يقلب أجزاء أبدان الأموات إلى صفة الحياة والعقل كما كانت قبل ذلك ، فهذا الاعتبار يدل من هذا الوجه على أن البعث والقيامة أمر ممكن غير ممتنع ، والله أعلم . إمكان الحشر والنشر