(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) .
اعلم أن هذا نوع آخر من التهديدات المانعة للمكلفين عن المعاصي . واعلم أن الأمة عبارة عن القرن والجماعة .
[ ص: 80 ] إذا ثبت هذا فنقول : في الآية قولان :
الأول : أن المراد أن
nindex.php?page=treesubj&link=31037_31038كل نبي شاهد على أمته .
والثاني : أن كل جمع وقرن يحصل في الدنيا فلا بد وأن يحصل فيهم واحد يكون شهيدا عليهم .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=31037_31038الشهيد على الذين كانوا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الرسول ؛ بدليل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [البقرة : 143] .
وثبت أيضا أنه لا بد في كل زمان بعد زمان الرسول من الشهيد . فحصل من هذا أن عصرا من الأعصار لا يخلو من شهيد على الناس ، وذلك الشهيد لا بد وأن يكون غير جائز الخطأ ، وإلا لافتقر إلى شهيد آخر ، ويمتد ذلك إلى غير النهاية وذلك باطل ، فثبت أنه لا بد في كل عصر من أقوام تقوم الحجة بقولهم ، وذلك يقتضي أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=21616_25028إجماع الأمة حجة . قال
أبو بكر الأصم : المراد بذلك الشهيد هو أنه تعالى ينطق عشرة -من أعضاء الإنسان إنها تشهد عليه ، وهي الأذنان والعينان والرجلان واليدان والجلد واللسان . قال : والدليل عليه أنه قال في صفة الشهيد أنه من أنفسهم ، وهذه الأعضاء لا شك أنها من أنفسهم .
أجاب القاضي عنه من وجوه :
الأول : أنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89شهيدا عليهم ) أي : على الأمة فيجب أن يكون غيرهم .
الثاني : أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=84من كل أمة ) فوجب أن يكون -ذلك الشهيد من الأمة ، وآحاد الأعضاء لا يصح وصفها بأنها من الأمة ، وأما حمل هؤلاء الشهداء على الأنبياء فبعيد ، وذلك لأن كونهم أنبياء مبعوثين إلى الخلق أمر معلوم بالضرورة فلا فائدة في حمل هذه الآية عليه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) .
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنَ التَّهْدِيدَاتِ الْمَانِعَةِ لِلْمُكَلَّفِينَ عَنِ الْمَعَاصِي . وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ عِبَارَةٌ عَنِ الْقَرْنِ وَالْجَمَاعَةِ .
[ ص: 80 ] إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ : فِي الْآيَةِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31037_31038كُلَّ نَبِيٍّ شَاهِدٌ عَلَى أُمَّتِهِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ كُلَّ جَمْعٍ وَقَرْنٍ يَحْصُلُ فِي الدُّنْيَا فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَحْصُلَ فِيهِمْ وَاحِدٌ يَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=31037_31038الشَّهِيدُ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الرَّسُولُ ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) [الْبَقَرَةِ : 143] .
وَثَبَتَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ زَمَانٍ بَعْدَ زَمَانِ الرَّسُولِ مِنَ الشَّهِيدِ . فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ عَصْرًا مِنَ الْأَعْصَارِ لَا يَخْلُو مِنْ شَهِيدٍ عَلَى النَّاسِ ، وَذَلِكَ الشَّهِيدُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ جَائِزِ الْخَطَأِ ، وَإِلَّا لَافْتَقَرَ إِلَى شَهِيدٍ آخَرَ ، وَيَمْتَدُّ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ أَقْوَامٍ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِقَوْلِهِمْ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=21616_25028إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ حُجَّةً . قَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ : الْمُرَادُ بِذَلِكَ الشَّهِيدِ هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى يُنْطِقُ عَشَرَةً -مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ إِنَّهَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ ، وَهِيَ الْأُذُنَانِ وَالْعَيْنَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْيَدَانِ وَالْجِلْدُ وَاللِّسَانُ . قَالَ : وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ فِي صِفَةِ الشَّهِيدِ أَنَّهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَهَذِهِ الْأَعْضَاءُ لَا شَكَّ أَنَّهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ .
أَجَابَ الْقَاضِي عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89شَهِيدًا عَلَيْهِمْ ) أَيْ : عَلَى الْأُمَّةِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُمْ .
الثَّانِي : أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=84مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ ) فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ -ذَلِكَ الشَّهِيدُ مِنَ الْأُمَّةِ ، وَآحَادُ الْأَعْضَاءِ لَا يَصِحُّ وَصْفُهَا بِأَنَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ ، وَأَمَّا حَمْلُ هَؤُلَاءِ الشُّهَدَاءِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ فَبَعِيدٌ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كَوْنَهُمْ أَنْبِيَاءَ مَبْعُوثِينَ إِلَى الْخَلْقِ أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي حَمْلِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَيْهِ .