الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله : ( إن الله بالناس لرءوف رحيم ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قال القفال - رحمه الله -: الفرق بين الرأفة والرحمة أن الرأفة مبالغة في رحمة خاصة وهي دفع المكروه وإزالة الضرر كقوله : ( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ) [ النور : 2 ] أي : لا ترأفوا بهما فترفعوا الجلد عنهما ، وأما الرحمة فإنها اسم جامع يدخل فيه ذلك المعنى ، ويدخل فيه الإفضال والإنعام ، وقد سمى الله تعالى المطر رحمة فقال : ( وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ) [ الأعراف : 57 ] ، لأنه إفضال من الله وإنعام ، فذكر الله تعالى الرأفة أولا بمعنى أنه لا يضيع أعمالهم ويخفف المحن عنهم ، ثم ذكر الرحمة لتكون أعم وأشمل ، ولا تختص رحمته بذلك النوع بل هو رحيم من حيث إنه دافع للمضار التي هي الرأفة وجالب للمنافع معا .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : ذكروا في وجه تعلق هذين الاسمين بما قبلهما وجوها :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أنه تعالى لما أخبر أنه لا يضيع إيمانهم ، قال : ( إن الله بالناس لرءوف رحيم ) والرءوف الرحيم كيف يتصور منه هذه الإضاعة ؟

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : أنه لرءوف رحيم فلذلك ينقلكم من شرع إلى شرع آخر ، وهو أصلح لكم وأنفع في الدين والدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قال : ( وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله ) فكأنه تعالى قال : وإنما هداهم الله لأنه رءوف رحيم .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قرأ عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم : ( رؤف رحيم ) مهموزا غير مشبع على وزن رعف ، والباقون ( رءوف ) مثقلا مهموزا مشبعا على وزن رعوف ، وفيه أربع لغات رئف أيضا كحزر ، ورأف على وزن فعل .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية