( 3263 ) فصل : وكل ، فهو حرام ، بغير خلاف . قال قرض شرط فيه أن يزيده : أجمعوا على أن ابن المنذر ، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا . وقد روي عن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أبي بن كعب ، ، وابن عباس ، أنهم نهوا عن قرض جر منفعة . ولأنه عقد إرفاق وقربة ، فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه . ولا فرق بين الزيادة في القدر أو في الصفة ، مثل أن يقرضه مكسرة ، ليعطيه صحاحا ، أو نقدا ، ليعطيه خيرا منه . وإن شرط أن يعطيه إياه في بلد آخر ، وكان لحمله مؤنة ، لم يجز ; لأنه زيادة . وإن لم يكن لحمله مؤنة ، جاز . وابن مسعود
وحكاه عن ابن المنذر ، علي ، وابن عباس ، والحسن بن علي ، وابن الزبير ، وابن سيرين وعبد الرحمن بن الأسود ، ، وأيوب السختياني ، والثوري ، وأحمد وإسحاق . وكرهه ، الحسن البصري وميمون بن أبي شبيب ، ، وعبدة بن أبي لبابة ، ومالك والأوزاعي ، ; لأنه قد يكون في ذلك زيادة . وقد نص والشافعي على أن من شرط أن يكتب له بها سفتجة لم يجز ، ومعناه : اشتراط القضاء في بلد آخر ، وروي عنه جوازها ; لكونها مصلحة لهما جميعا . وقال أحمد : كان عطاء يأخذ من قوم ابن الزبير بمكة دراهم ، ثم يكتب لهم بها إلى مصعب بن الزبير بالعراق ، فيأخذونها منه . فسئل عن ذلك ، فلم ير به بأسا ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن مثل هذا ، فلم ير به بأسا . وممن لم ير به بأسا علي ، ابن سيرين . رواه كله والنخعي سعيد .
وذكر أن للوصي القاضي ليربح خطر الطريق . والصحيح جوازه ; لأنه مصلحة لهما من غير ضرر بواحد منهما ، والشرع لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها ، بل بمشروعيتها . ولأن هذا ليس بمنصوص على تحريمه ، ولا في معنى المنصوص ، فوجب إبقاؤه على الإباحة . وإن شرط في القرض أن يؤجره داره ، أو يبيعه شيئا ، أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى ، لم يجز ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف . قرض مال اليتيم في بلد أخرى
ولأنه شرط عقدا في عقد ، فلم يجز ، كما لو باعه داره بشرط أن يبيعه الآخر داره . وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها ، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها ، أو على أن يهدي له هدية ، أو يعمل له عملا ، كان أبلغ في التحريم . وإن فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء ، لم يقبله ، ولم يجز قبوله ، إلا أن يكافئه ، أو يحسبه من دينه ، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض ; لما روى أن رجلا كان له على سماك عشرون درهما فجعل يهدي إليه السمك ويقومه حتى بلغ ثلاثة عشر درهما ، فسأل الأثرم فقال : [ ص: 212 ] أعطه سبعة دراهم . ابن عباس
وعن ، أن ابن سيرين أسلف عمر أبي بن كعب عشرة آلاف درهم ، فأهدى إليه أبي بن كعب من ثمرة أرضه ، فردها عليه ، ولم يقبلها ، فأتاه أبي فقال : لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة ، وأنه لا حاجة لنا فيم منعت هديتنا ، ثم أهدى إليه بعد ذلك فقبل . وعن ، قال : قلت زر بن حبيش لأبي بن كعب : إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد إلى العراق . فقال : إنك تأتي أرضا فاش فيها الربا ، فإن أقرضت رجلا قرضا ، فأتاك بقرضك ومعه هدية ، فاقبض قرضك ، واردد عليه هديته . رواهما . وروى الأثرم ، عن البخاري ، عن أبي بردة أبي موسى ، قال : قدمت المدينة ، فلقيت . وذكر حديثا . وفيه : ثم قال لي : إنك بأرض فيها الربا فاش ، فإذا كان لك على رجل دين ، فأهدى إليك حمل تبن ، أو حمل شعير ، أو حمل قت ، فلا تأخذه ، فإنه ربا . قال عبد الله بن سلام ابن أبي موسى : ولو ، لم يكن ليستعمله مثله قبل القرض ، كان قرضا جر منفعة . ولو استضاف غريمه ، ولم تكن العادة جرت بينهما بذلك ، حسب له ما أكله ; لما روى أقرضه قرضا ، ثم استعمله عملا ، في " سننه " ، عن ابن ماجه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أنس } . وهذا كله في مدة القرض ، فأما بعد الوفاء ، فهو كالزيادة من غير شرط ، على ما سنذكره ، إن شاء الله تعالى . إذا أقرض أحدكم قرضا ، فأهدى إليه ، أو حمله على الدابة ، فلا يركبها ، ولا يقبله ، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك