الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3434 ) فصل : الشرط الثالث ، أن لا يكون البائع قبض من ثمنها شيئا .

                                                                                                                                            فإن كان قد قبض بعض ثمنها ، سقط حق الرجوع . وبهذا قال إسحاق ، والشافعي في القديم ، وقال في الجديد : له أن يرجع في قدر ما بقي من الثمن ; لأنه سبب ترجع به العين كلها إلى العاقد ، فجاز أن يرجع به بعضها ، كالفرقة قبل الدخول في النكاح

                                                                                                                                            وقال مالك : هو مخير ، إن شاء رد ما قبضه ورجع في جميع العين ، وإن شاء حاص الغرماء ولم يرجع . ولنا ، ما روى أبو بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أيما رجل باع سلعة ، فأدرك سلعته بعينها عند رجل قد أفلس ، ولم يكن قد قبض من ثمنها شيئا ، فهي له ، وإن كان قد قبض من ثمنها شيئا فهو أسوة الغرماء } . رواه أبو داود ، وابن ماجه ، والدارقطني . ولأن في الرجوع في قسط ما بقي تبعيضا للصفقة على المشتري ، وإضرارا به ، وليس ذلك للبائع . فإن قيل : لا ضرر عليه في ذلك ; لأن ماله يباع ، ولا يبقى له ، فيزول عنه الضرر

                                                                                                                                            قلنا : لا يندفع الضرر بالبيع ; فإن قيمته تنقص بالتشقيص ، ولا يرغب فيه مشقصا ، فيتضرر المفلس والغرماء بنقص القيمة . ولأنه سبب يفسخ به البيع ، فلم يجز تشقيصه ، كالرد بالعيب والخيار ، وقياس البيع على البيع أولى من قياسه على النكاح . ولا فرق بين كون المبيع عينا واحدة ، أو عينين ، لما ذكرنا من الحديث والمعنى

                                                                                                                                            فإن قيل : حديثكم يرويه أبو بكر بن عبد الرحمن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، ولا حجة في المراسيل . قلنا : قد رواه مالك وموسى بن عقبة عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، كذلك ذكره ابن عبد البر ، وأخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني في " سننهم " متصلا ، فلا يضر إرسال من أرسله ، فإن راوي المسند معه زيادة لا يعارضها ترك مرسل الحديث لها ، وعلى أن المرسل حجة ، فلا يضر إرساله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية