المبحث الرابع: نماذج من القواعد، وتطبيقاتها في جانب الأخلاق
لم يكن نصيب الجانب الخلقي من القواعد الشرعية بأقل من غيره في الجوانب السابقة، وإنما زاد عليها نظرا لأهمية الجانب الخلقي في نظام الإسلام من جهة، ولحاجة هـذا الجانب إلى قواعد وضوابط اكثر من غيره من جهة أخرى.
فإن من محاسن ديننا الإسلامي تركيزه على الضوابط والمعايير أكثر من تركيزه على الأحكام التفصيلية فيها، نظرا لسعة دائرته، التي يصعب استيعابها بأحكام تفصيلية خلقية من جهة، ولاعتماد كثير من المواقف الخلقية على عوامل نفسية داخلية يصعب الحكم عليها من جهة أخرى.
لهذا كله جاءت الضوابط والمعايير الخلقية لتكون بيد كل مسلم، وفي متناول كل شخص، يزن بها الحسن من القبيح،ويعرف بها الخطأ من الصواب.. فقوله صلى الله عليه وسلم مثلا : ( البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) [1] ، وقوله : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) [2] ، يشكلان معا معيارا دقيقا، وضابطا مطردا لكثير من المواقف والتصرفات.. ومثل هـذا كثير في النصوص الشرعية والأحكام الخلقية. [ ص: 94 ]