المبحث السادس: المراقبة
- حقيقة المراقبة
المراقبة: دوام علم العبد السالك الطريق إلى الله بأنه سبحانه مطلع على ظاهره وباطنه؛ ناظر إليه؛ سامع لقوله، «قال تعالى: ( واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ) (البقرة:235) ؛ وقال تعالى: ( وكان الله على كل شيء رقيبا ) (الأحزاب: 52) ؛ وقال تعالى: ( وهو معكم أين ما كنتم ) (الحديد: 4) ؛ وقال تعالى: ( ألم يعلم بأن الله يرى ) (العلق:14) ؛ ...وقال تعالى: ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) (غافر:19) ؛... ( وفي حديث جبريل ، عليه السلام ، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان؟، فقال له: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) [1] [2] .
يقول ابن القيم: «المراقبة: دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه، فاستدامته لهذا العلم واليقين هي المراقبة، وهي ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه ناظر إليه سامع لقوله، وهو مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة، وكل نفس وكل طرفة عين. [ ص: 91 ] وقيل: «من راقب الله في خواطره، عصمه في حركات جوارحه».
وقـال الجنيد: «من تحقـق في المراقبة خاف على فوات لحظة من ربه لا غير».
وقال ذو النون: «علامة المراقبة إيثار ما أنـزل الله، وتعظيم ما عظم الله، وتصغير ما صغر الله».
وقيل: «المراقبة مراعاة القلب لملاحظة الحق مع كل خطرة وخطوة».
وقـال إبراهيم الخـواص [3] : «المراقبة خـلوص السـر والعلانية لله عز وجل ». وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر: سبب لحفظها في حركات الظواهر، فمن راقب الله في سره، حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته.
والمراقبة: هي التعبد بأسمائه (الرقيب) و (الحفيظ) و (العليم) و (السميع) و (البصير) ، فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها حصلت له المراقبة» [4] . [ ص: 92 ]