- القوة المعنوية:
وتشمل السلطان والجاه والعلم، وهذه الأنواع من القوة تصيب أصحابها من ضعاف النفوس بالغرور، إلا من رحم الله تعالى؛ لأنها تولد في أنفسهم قناعة بتجاوز حالة الضعف الإنساني في طبيعتهم، وهذا يسبب عندهم حالة من الدهشة والهوس، التي تدفعهم في ظل غياب الوازع الديني إلى تجاوز الحد في تعاملاتهم مع (الآخر) وممارسة كل أشكال الغصب والطغيان.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن قوة الإيمان بالله تعالى وتقواه، هي من أهم أنواع القوة المعنوية، التي يهملها غالبا الأفراد والجماعات، ويسقطونها من حساباتهم في مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة، فقوة المال والعتاد والرجال دون تقوى الله تعالى هي ذل ومهانة وخزي وندامة: ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ) (التوبة:25).
والقوة، سواء أكانت على صعيد الأفراد أم الدول فهي نعمة من نعم الله تعالى على أصحابها؛ وإذا ما اقترنت القوة بالإيمان، فإنها توظف في كل مجالات الخير وعمارة الأرض، أما إذا ما فصلت عن الإيمان بمعطياته وضوابطه الأخلاقية، فإنها تكون أداة من أدوات الدمار والفساد والظلم، ومما لا شك فيه أن الشعور بالاستعلاء والعظمة والغرور عند الأفراد والجماعات، والمتولد عن امتلاك أسباب القدرة والقوة، في ظل غياب الوازع الديني والضوابط الأخلاقية، يحمل على الظلم بصوره وأشكاله المختلفة. [ ص: 113 ]