الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              الظلم وانعكاساته على الإنسانية (رؤية شرعية)

              الأستاذ الدكتور / عثمان محمد غنيم

              - الإسلام في مواجهة علاقات التبعية والظلم:

              رفض القرآن الكريم في آيات كثيرة كل علاقات التبعية والظلم والخضوع بين الأفراد، أيا كان شكلها أو صورتها، وذلك لأنها تعمل على إنتاج الظلم وتكريس ثقافة الخضوع والطغيان، وتشكيل مجتمعات الكراهية، التي تتسم باستشراء الظلم والفساد، الذي أشار إليه الكتاب العزيز، وسجله في حوار بليغ ورائع بين المستكبرين وهم الظلام من جهة والمستضعفين وهم الجهال من جهة أخرى، وذلك من أجل إقناع المسلمين بعدم اتباع الطغاة والاستسلام [ ص: 150 ] لهم، لخلق وتعزيز روح الرفض والصد في المجتمع لكل طاغية، لأنه في النهاية بشر لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، فكيف لمن يتبعونه؟

              لا شك أن غرس معاني العزة والكرامة في نفوس المسلمين يقود إلى رفض الخضوع والطاعة العمياء لكل متكبر، ويعمل على تعطيل كل آليات ووسائل إنتاج الظلم والطغيان ويجفف منابعها، لقد عرض الكتاب العزيز لعلاقة التبعية بين السادة والأتباع، ونقلها في صورة حوارات تجري بينهم يوم القيامة، وتظهر هذه الحوارات كيف يتبرأ كل طرف من الآخر، يقول تعالى: ... ( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ) (سبأ:31-33).

              ويقول عز من قائل: ( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ) (الأحزاب:67-68).

              ويقول أيضا: ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون [ ص: 151 ] العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب * إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ) (البقرة:165-167).

              ويقول كذلك: ( هذا وإن للطاغين لشر مآب * جهنم يصلونها فبئس المهاد * هذا فليذوقوه حميم وغساق * وآخر من شكله أزواج * هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالو النار * قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار * قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار * وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار * إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ) (ص:55-64).

              التالي السابق


              الخدمات العلمية