وإذا كانت المرأة استوت لغرماء الصحة في مهرها ; لأن وجوب دينها بسبب لا تهمة فيه ، وهو النكاح ، ثم هذا السبب من حوائج المريض ; لأن النكاح في الأصل عقد مصلحة مشروع للحاجة وبمرضه تزداد حاجته إلى ما يتعاهده ، وهو غير محجور عن التزام الدين بمباشرة ما هو من حوائجه كاستئجار الأطباء وشراء الأدوية ، ثم مهر المثل لا يجب بالتسمية بل إنما يجب شرعا بصحة النكاح . تزوج المريض امرأة على ألف درهم وهي مهر مثلها
( ألا ترى ) أنه بدون التسمية يجب فلا يكون المريض بالتسمية قاصدا إلى إبطال حق الغرماء عن شيء مما يتعلق حقهم به فلهذا صح منه ، وكانت مزاحمة غرماء الصحة مقدمة على ما أقر ما به في مرضه من دين أو وديعة لقوة سبب حقها ، ولو أوفاها المهر وعليه دين في الصحة لم يسلم لها ما قبضت ; لأنه خصها بقضاء دينها ، وقد بينا أن المريض لا يملك تخصيص بعض غرماء الصحة بقضاء الدين ، وهذا لأن المهر بمقابلة البضع والبضع ليس بمال متقوم يتعلق به حق الغرماء فكان هذا في حق الغرماء إبطالا لحقهم بإيثارها بقضاء دينها بخلاف بدل المستقر أو المستقرض ; لأن ما وصل إليه بمقابلة مال يتعلق به حق الغرماء فلم يكن في تصرفه إبطال حقه عن شيء معين فلهذا كان صحيحا ، والله أعلم .