الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو قال له رجل هذه الألف التي تركها أبوك وديعة لي ، وقال آخر : لي على أبيك ألف درهم ، فقال صدقتما فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله الألف بينهما نصفان ، وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله صاحب الوديعة أولى بها . وجه قولهما أن الإقرار الوديعة أقوى حتى يصح في كلام موصول تقدم أو تأخر والإقرار بالدين لا يصح إذا تقدم ذكر [ ص: 46 ] الوديعة فعند الاقتران يجعل الأقوى مقدما كدعوى الاستيلاد مع دعوة التحرير ( وتقديره من وجهين ) أحدهما أن شرط صحة الإقرار بالدين السبق ولم يوجد ذلك عند الاقتران والسبق ليس بشرط في صحة الإقرار الوديعة فكان هو الصحيح في حال الاقتران ، والثاني أن استحقاق العين بالإقرار الوديعة يسبق ; لأنه يثبت استحقاق العين بنفسه ، فأما الإقرار بالدين يثبت الدين في الذمة ، ولم يستحق به العين فكان سبق الوديعة في الموجب كسبق الإقرار بها نصا وأبو حنيفة رحمه الله يقول : ما ظهر الإقرار الوديعة إلا والدين ظاهر معه فيمنع ظهور الدين اختصاص المودع الوديعة ; لأن ما يرفع الشيء إذا سبقه ، فإذا اقترن به لمنعه أيضا كنكاح الحرة مع الأمة وهنا إن سبق الإقرار بالدين رفع حق اختصاص المدفوع الوديعة ، فإذا اقترن به مع ثبوت حق الاختصاص له وصار الوارث كالمستهلك الوديعة فصح الإقرار بالدين وبالإقرار بالدين يصير مستهلكا للوديعة فيصير إقرارا بدينين فيتحاصان فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية