الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا قال لرجل : فلان شريكي مفاوضة ، فقال : نعم أو أجل أو قال : صدق أو قال : هو كما قال أو قال : هو صادق فهذا كله سواء وهما شريكان في كل مال عين أو دين أو رقيق أو عقار أو غير ذلك مما هو في يد كل واحد منهما ; لأن ما أتى من الجواب غير مستقل بنفسه فيصير ما تقدم من الخطاب معادا فيه حتى يثبت به تصادقهما على شركة المفاوضة ، والثابت باتفاقهما كالثابت بالمعاينة ولو عاينا شركة المفاوضة بينهما كان ما في يد كل واحد منهما بينهما نصفين ; لأن المفاوضة تقتضي المساواة ولفظ الشركة يوجب ذلك الإطعام مثل كل واحد منهما وكسوته وكسوة أهله فلمن في يده استحسانا ، وفي القياس يكون بينهما كسائر الأموال ، ولكن يصير مستثنى مما هو موجب شركة المفاوضة ; لأن الحاجة إليه معلوم وقوعها لكل واحد منهما في مدة المفاوضة ولهذا لو كانت الشركة ظاهرة بينهم كان ما اشتراه كل واحد منهما مشتركا بينهما إلا الطعام والكسوة . وكذلك إذا ثبت العقد بإقرارهما . وكذلك أم ولد أحدهما أو مدبرته ; لأن أم الولد ليست بمال والمدبرة ليست بمحل للتجارة ومقتضى المفاوضة الشركة بينهما في كل مال قابل للتجارة والتصرف .

( ألا ترى ) أنه لا تثبت الشركة بينهما في المنكوحة فكذلك في المدبرة وأم الولد ، فأما إذا كان أحدهما مكاتبا قد كاتبه قبل إقراره فما عليه من بدل الكتابة يكون بينهما ; لأنه قابل للتصرف والانتقال من ملك إلى ملك بمنزلة سائر الديون .

( ألا ترى ) أن رقبة [ ص: 115 ] المكاتب لا تصير ميراثا وما عليه من بدل الكتابة يصير ميراثا للورثة فكذلك بإقراره تثبت الشركة للآخر في بدل الكتابة ، وإن كانت لا تثبت في الرقبة .

( ألا ترى ) أنه لو عجز المكاتب كان مشتركا بينهما فكذلك ما عليه من البدل قبل عجزه . وكذلك لو قال : هو مفاوضي في الشركة ; لأن هذا العقد يضاف إليهما تارة وإلى أحدهما أخرى وثبوت حكم المفاوضة لا يختص بأحد الجانبين فكانت الإضافة إلى أحدهما بمنزلة الإضافة إليهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية