ولو قال له رجل هذه الألف التي تركها أبوك وديعة لي ، وقال آخر : لي على أبيك ألف درهم ، فقال صدقتما  فعلى قول  أبي حنيفة  رحمه الله الألف بينهما نصفان ، وعند أبي يوسف   ومحمد  رحمهما الله صاحب الوديعة أولى بها . وجه قولهما  أن الإقرار الوديعة أقوى حتى يصح في كلام موصول تقدم أو تأخر والإقرار بالدين لا يصح إذا تقدم ذكر  [ ص: 46 ] الوديعة فعند الاقتران يجعل الأقوى مقدما كدعوى الاستيلاد مع دعوة التحرير ( وتقديره من وجهين ) أحدهما أن شرط صحة الإقرار بالدين السبق ولم يوجد ذلك عند الاقتران والسبق ليس بشرط في صحة الإقرار الوديعة فكان هو الصحيح في حال الاقتران ، والثاني أن استحقاق العين بالإقرار الوديعة يسبق ; لأنه يثبت استحقاق العين بنفسه ، فأما الإقرار بالدين يثبت الدين في الذمة ، ولم يستحق به العين فكان سبق الوديعة في الموجب كسبق الإقرار بها نصا  وأبو حنيفة  رحمه الله يقول : ما ظهر الإقرار الوديعة إلا والدين ظاهر معه فيمنع ظهور الدين اختصاص المودع الوديعة ; لأن ما يرفع الشيء إذا سبقه ، فإذا اقترن به لمنعه أيضا كنكاح الحرة مع الأمة وهنا إن سبق الإقرار بالدين رفع حق اختصاص المدفوع الوديعة ، فإذا اقترن به مع ثبوت حق الاختصاص له وصار الوارث كالمستهلك الوديعة فصح الإقرار بالدين وبالإقرار بالدين يصير مستهلكا للوديعة فيصير إقرارا بدينين فيتحاصان فيه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					