وإذا فالقول قوله ; لأن " أو " للتخيير بين أحد المذكورين ، وقد دخلت بين نفي الإقرار وإثباته فكان القول قوله ; لأن " أو " للتخيير في اختيار أيهما شاء ، ولأن حرف أو إذا دخل بين الشيئين كان مقتضاه إثبات أحد المذكورين بغير عينه . أقر أن لفلان عليه مائة درهم أو لا شيء عليه أو قال أو لا
وقولنا إنه للتشكيك مجاز فإن التشكيك لا يكون مقصودا ليوضع له لفظ ، ولكن لما كان مقتضاه أحد المذكورين بغير عينه عبر عنه بالتشكيك مجازا فهنا لما كان عمله في إثبات أحد المذكورين إما الإقرار وإما الإنكار لم يتعين الإقرار فيه . وكذلك لو قال غصبتك عشرة دراهم أو لم أغصبك . وكذلك لو قال أودعتني عشرة دراهم أو لم تودعني لم يلزمه شيء لما قلنا .
وكذلك لو قال مقتضى كلامه أن المال على أحدهما بغير عينه فلا يكون به ملتزما للمال عينا وما لم يكن كلامه التزاما لا يكون إقرارا . وكذلك لو كان فلان ذلك عبدا أو صبيا أو حربيا أو مكاتبا ; لأن لهؤلاء ذمة صالحة لالتزام الدين فإدخاله حرف أو بين نفسه وبينه فيه يقتضي أحدهما بغير عينه . وكذلك لو قال غصبتك أنا أو فلان . وكذلك لو قال علي عشرة دراهم أو على فلان لزمه المال في قول قال لك علي عشرة دراهم أو قال على هذا الحائط أو الحمار رحمه الله ولا يلزمه في أبي حنيفة قولهما ، وهو نظير اختلافهم في مسألة كتاب العتاق إذا جمع بين عبده وحائط أو بين حي وميت ، وقال أحدكما حر على سبيل الابتداء في هذه المسألة هما يقولان عمل حرف " أو " في شيئين ضم المذكور عليه آخر إليه ونفي الالتزام عن نفسه عينا وهنا إعماله في أحدهما ممكن ، وهو نفيه الالتزام عن نفسه فكان عاملا في ذلك بمنزلة قوله أو ليس لك علي شيء رحمه الله يقول قوله لك علي التزام تام ، وإنما ينعدم معنى الالتزام بالتردد بينه وبين المذكور آخرا ، وإنما يحصل هذا التردد إذا كان المذكور آخرا محلا لالتزام المال ، فإذا لم يكن محلا لذلك كان ذكره في معنى الالتزام لغوا يبقى هو ملتزما المال بأول كلامه عينا ، وهو نظير ما لو قال أوصى بثلث ماله لفلان وفلان وأحدهما ميت كان الثلث كله للحي . وأبو حنيفة