وإن فذلك جائز عليه إذا كتب ما يكتب الناس في الرسائل ، وفي القياس لا يجوز هذا ; لأن الكتاب محتمل قد يكون لتجربة الخط والقرطاس ، وقد يكون ليعلم كتب الرسالة والمحتمل لا يكون حجة ، ولكنه استحسن للعادة الظاهرة بين الناس أنهم إنما يكتبون كتاب الرسائل بهذه الصفة لإظهار الحق وإعلام ما عليه من الواجب ، فإذا ترجح هذا الجانب بدليل العرف حمل الكتاب عليه بمنزلة لفظ محتمل يترجح فيه معنى بدليل العرف ، وإن جحد وشهدت البينة أنه كتبه أو أملاه جاز عليه لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة . وكذلك هذا في الطلاق والعتاق وسائر الحقوق ما خلا القصاص والحد فإني آخذ فيها بالقياس ; لأنه عقوبات تدرأ بالشبهات فاحتمال جهات أخرى سوى ما ترجح بدليل العرف يصير شبهة في ذلك ، وهو نظير الاستحسان في صحة إقرار الوكيل على موكله في مجلس القاضي أنه لا يجعل حجة في القصاص والحدود أخذا بالقياس لبقاء شبهة عدم الخصومة حقيقة في الإقرار ، ولكنه يضمن السرقة بهذا الكتاب ; لأن الضمان يثبت مع الشبهات . كتب رجل كتابا إلى رجل من فلان إلى فلان أما بعد فإن لك علي من قبل [ ص: 173 ] فلان كذا وكذا درهما