الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويعتبر ) في اليمين موالاة كلماتها عرفا ثم يحتمل أن المراد به عرفهم فيما بين الإيجاب والقبول في البيع ويحتمل أن المراد به عرفهم في الخلع ، بل أوسع

                                                                                                                              ولعله الأقرب ؛ لأن العقود يحتاط لها أكثر ، وطلب الخصم لها من القاضي وطلب القاضي لها ممن توجهت عليه و ( نية القاضي ) أو نائبه أو المحكم أو المنصوب للمظالم وغيرهم من كل من له ولاية التحليف ( المستحلف ) وعقيدته مجتهدا كان أو مقلدا دون نية الحالف وعقيدته مجتهدا كان أو مقلدا أيضا لخبر مسلم { اليمين على نية المستحلف } وحمل على الحاكم ؛ لأنه الذي له ولاية الاستحلاف ؛ ولأنه لو اعتبرت نية الحالف لضاعت الحقوق أما لو حلفه نحو الغريم ممن ليس له ولاية الاستحلاف أو حلف هو ابتداء ، فالعبرة بنيته ، وإن أثم بها إن أبطلت حقا لغيره ، وعليه يحمل خبر مسلم { يمينك ما يصدقك عليه صاحبك } ( تنبيه )

                                                                                                                              معنى يعتبر في غير الأخيرة يشترط وفيها يعتمد ( فلو ورى ) [ ص: 316 ] الحالف بالله ولم يظلمه خصمه كما بحثه البلقيني ( أو تأول خلافها ) أي : اليمين ( أو استثنى ) أو وصل باللفظ شرطا مثلا ( بحيث لا يسمعه القاضي لم يدفع إثم اليمين الفاجرة ) وإلا لبطلت فائدة اليمين من أنه يهاب الإقدام عليها خوفا من الله تعالى ، أما من حلف بنحو طلاق فتنفعه التورية والتأويل ، وإن رأى القاضي التحليف به على ما اعتمده الإسنوي ونقله عن الأذكار ورد بأنه وهم إذ ليس فيه الغاية المذكورة ، بل كلامه يقتضي أن محله فيمن لا يراه ، وهو ظاهر ، وأما من ظلمه خصمه في نفس الأمر كأن ادعى على معسر فحلف لا يستحق علي شيئا أي : تسليمه الآن فتنفعه التورية والتأويل ؛ لأن خصمه ظالم إن علم ومخطئ إن جهل ، وهي قصد مجاز لفظه دون حقيقته ، كماله عندي درهم أي : قبيلة كذا قاله شارح ، والذي في القاموس إطلاقه على الحديقة ، ولم يذكر القبيلة ، وهو الأنسب هنا أو قميص أي : غشاء القلب أو ثوب أي : رجوع ، وهو هنا اعتقاد خلاف ظاهر لفظه لشبهة عنده واستشكل الاستثناء بأنه لا يمكن في الماضي إذ لا يقال : أتلفت كذا إن شاء الله ، وأجيب بأن المراد رجوعه لعقد اليمين ومر عن الإسنوي في الطلاق ما له تعلق بذلك وخرج بحيث لا يسمع ما إذا سمعه فيعزره ويعيد اليمين

                                                                                                                              ولو وصل بها كلاما لم يفهمه القاضي منعه وأعادها

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وهي قصد مجاز لفظه دون حقيقته ) أي : التورية



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : في اليمين ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله : ثم يحتمل إلى وطلب القاضي . ( قوله : موالاة كلماتها إلخ ) والمراد بالموالاة أن لا يفصل بين قوله : والله وقوله : ما فعلت كذا مثلا ع ش . ( قوله : ولعله ) أي : الاحتمال الثاني . ( قوله : وطلب الخصم ) إلى قوله ، وإن أثم بها في المغني . ( قوله : وطلب الخصم إلخ ) عطف على قوله موالاة كلماتها . ( قوله : ونية القاضي إلخ ) قال البلقيني : محله إذا لم يكن الحالف محقا لما نواه ، وإلا فالعبرة بنيته لا بنية القاضي ا هـ . ومراده بالمحق المحق على ما يعتقده القاضي فلا ينافيه ما يأتي فيما لو كان القاضي حنفيا فحكم على شافعي بشفعة الجوار من أنه ينفذ حكمه وأنه إن استحلف فحلف أنه لا يستحق علي شيئا أثم ا هـ . عبارة ع ش بعد نقله كلام البلقيني نصها فإذا ادعى أنه أخذ من ماله كذا بغير إذنه وسأل رده وكان إنما أخذه من دين له عليه فأجاب بنفي الاستحقاق فقال خصمه للقاضي : حلفه أنه لم يأخذ من مالي شيئا بغير إذني وكان القاضي يرد إجابته لذلك فللمدعى عليه أن يحلف أنه لم يأخذ شيئا من ماله بغير إذنه وينوي بغير الاستحقاق ولا يأثم بذلك وما قاله لا ينافي ما يأتي في مسألة تحليف الحنفي الشافعي على شفعة الجوار فتأمل ا هـ . شرح الروض ، وهو مستفاد من قول الشارح ولم يظلمه كما بحثه البلقيني ا هـ . أقول بل هو عين قول الشارح : وأما من ظلمه إلخ . ( قوله : وعقيدته ) عطف تفسير لنية القاضي .

                                                                                                                              ( قوله : مجتهدا كان إلخ ) ، وسواء كان موافقا للقاضي في مذهبه أم لا مغني . ( قوله : لضاعت الحقوق ) أي : إذ كل أحد يحلف على ما يقصده فإذا ادعى حنفي على شافعي شفعة الجوار والقاضي يعتقد إثباتها فليس للمدعى عليه أن يحلف على عدم استحقاقها عليه عملا باعتقاده ، بل عليه اتباع القاضي مغني وروض . ( قوله : أما لو حلفه نحو الغريم إلخ ) أي : كبعض العظماء أو الظلماء فتنفع التورية عنده فلا كفارة عليه ، وإن أثم الحالف أنه لزم منها تفويت حق الغير ومنه المشد وشيوخ البلدان والأسواق فتنفعه التورية عندهم سواء كان الحلف بالطلاق أو بالله ع ش عبارة شرح المنهج فلو حلف إنسان ابتداء أو حلفه غير الحاكم أو حلفه الحاكم بغير طلب أو بطلان أو نحوه اعتبر نية الحالف ونفعته التورية ، وإن كانت حراما حيث يبطل بها حق المستحق ا هـ . أي : حيث كان القاضي لا يرى التحليف به أي : بنحو الطلاق كالشافعي فإن كان له التحليف بغير الله كالحنفي لم تنفعه التورية ، وهو ظاهر زيادي وسيأتي في الشارح والمغني ما يوافقه . ( قوله : وعليه يحمل ) أي : على ما ذكر من تحليف نحو الغريم إلخ والحلف ابتداء . ( قوله : في غير الأخيرة ) أي : فيما زاده [ ص: 316 ] الشارح وقوله : وفيها أي : الأخيرة وهي ما في المتن . ( قوله : الحالف بالله ) إلى قوله : وضابط من تلزمه في المغني إلا قوله : كما بحثه البلقيني وقوله : وهي قصد مجاز إلى كماله عندي و قوله : كذا قاله إلى أو قميص و قوله : ومر إلى وخرج وإلى قوله : ولا ينافي في النهاية إلا قوله : وإن رأى إلى ، أما من ظلمه وقوله : كذا قاله إلى أو قميص و قوله : ومر إلى وخرج . ( قوله : الحالف بالله ) وقوله : ولم يظلمه خصمه سيذكر محترزهما . ( قول المتن أو تأول خلافها ) أي : بأن اعتقد خلاف نية القاضي كحنفي حلف شافعيا على شفعة الجوار فحلف أنه لا يستحقها عليه وقوله : أو استثنى أي : كقوله عقب يمينه إن شاء الله تعالى مغني .

                                                                                                                              ( قوله : شرط ) أي : كإن دخلت الدار مغني وكأن كان له عليه خمسة فادعى عشرة وأقام شاهدا على العشرة وحلف أن له عليه عشرة وقال سرا : إلا خمسة ، والمراد بالاستثناء ما يشمل المشيئة بجيرمي . ( قوله : مثلا ) أي : أو صفة أو ظرفا . ( قوله : وإلا لبطلت إلخ ) فإن كل شيء قابل للتأويل في اللغة مغني . ( قوله : بنحو طلاق إلخ ) أي : كالعتاق مغني . ( قوله : ورد بأنه ) أي : رد الإسنوي بأن نقله عن الأذكار . ( قوله : الغاية المذكورة ) وهي ، وإن رأى القاضي التحليف به . ( قوله : أن محله ) أي : محل نفع ما ذكر في الحلف بنحو الطلاق وقوله : فيمن لا يراه أي : في قاض لا يرى التحليف بذلك كالشافعي فعلم أن من يراه كالحنفي لا ينفع ما ذكر عنده مغني . ( قوله : ظالم ) أي : بالمطالبة مغني . ( قوله : إن علم إلخ ) أي : عدم استحقاقه . ( قوله : وهي ) أي : التورية نهاية وسم . ( قوله : إطلاقه ) أي : مجازا ، وإلا فلا يوافق الممثل له . ( قوله : أو قميص إلخ ) عبارة المغني وما له قبلي ثوب ولا شفعة ولا قميص والثوب الرجوع والشفعة البعد والقميص غشاء القلب ا هـ . ( قوله : وهو ) أي : التورية مغني فكان الأولى التأنيث . ( قوله : واستشكل الاستثناء ) أي : المذكور في قول المصنف أو استثنى ع ش . ( قوله : أتلفت كذا إلخ ) وكذا لا يقال : ما لك علي شيء إن شاء الله مغني . ( قوله : وأجيب بأن المراد رجوعه لعقد اليمين ) أي : فيكون المعنى تنعقد يميني إن شاء الله ، وأما إذا وجهه إلى نفس الفعل فإنه لا يصح ؛ لأن الاستثناء إنما يكون في المستقبل كالشرط ا هـ . مغني . ( قوله : منعه وأعادها ) فإن قال : كنت أذكر الله تعالى قيل له ليس هذا وقته مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية