( فصل )
في بيان غاية المدة التي تقدر بها المنفعة تقريبا وكون يد الأجير يد أمانة وما يتبع ذلك ( يصح كما هو ظاهر ( غالبا ) ليوثق باستيفاء المعقود عليه ولا يتقدر بمدة إذ لا توقيف فيه بل يرجع فيه لأهل الخبرة فيؤجر القن ثلاثين سنة والدابة عشر سنين والثوب سنتين أو سنة والأرض مائة سنة أو أكثر كذا قالاه كالجمهور وقولهم على ما يليق بكل يعلم به أن ذكر ذلك القدر للتمثيل لا للتقييد وأن ما ذكروه من المدد لا يحسب جميعه من حين عقد الإجارة ؛ لأنه يلزم عليه في القن مثلا إذا بلغ تسعين سنة مثلا يؤجر ثلاثين سنة من حينئذ وليس كذلك إذ العين لا تبقى هنا غالبا سنة فضلا عما زاد عليها [ ص: 172 ] وإنما المراد حسبان ما مضى من الولادة ومدة الإجارة فإن بلغ المجموع ثلاثين جاز وإلا فلا ثم هذا ظاهر فيما قبل الثلاثين وإلا فقياس ما يأتي أنه لا يعطى من الزكاة حينئذ إلا لسنة ؛ لأن العمر الغالب قد مضى أنه هنا كذلك ؛ لأن ما يغلب فيه بقاء العين قد مضى فإن قلت فلم اعتبروا العمر الغالب ثم لا هنا قلت لأن الكلام ثم في مطلق البقاء وهنا في بقاء مخصوص وهو ما أشرت إليه بقولي بصفاتها المقصودة عقد الإجارة ) على العين ( مدة تبقى فيها ) تلك ( العين ) بصفاتها المقصودة
وقال يجوز في القن ستون سنة أي هي منتهاها وكذا الآتي لخبر الشيخ أبو حامد الترمذي { } أي الغالب فيهم ذلك وجوز أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين ابن كج فيه مائة وعشرين وفي الدابة عشرون والدار مائة وخمسون والأرض خمسمائة فأكثر وجوز في الشامل كالقفال بلوغها فيها ألفا واعترض بما مر في البيع أنه لا يجوز التأجيل بها لبعد بقاء الدنيا إليها ويجري ذلك في الوقف لكن إن وقع على وفق الحاجة والمصلحة لعين الوقف بأن توقفت عمارته على تلك المدة الطويلة لا للموقوف عليهم كما بينته في كتاب حافل سميته الإتحاف ببيان . حكم إجارة الأوقاف
واصطلاح الحكام على أنه لا يؤجر أكثر من ثلاث سنين لئلا يندرس استحسان منهم ، وإن رد بأنه لا معنى له على أنه لم ينقل عن مجتهد شافعي منهم وإنما اشترطنا ذلك لفساد الزمان بغلبة الاستيلاء على الوقف عند طول المدة وأيضا فشرطها في غير ناظر مستحق وحده أن يكون بأجرة المثل وتقويم المدة المستقبلة البعيدة صعب وأيضا ففيها منع الانتقال للبطن الثاني وضياع الأجرة عليهم غالبا إذا قبضت وسيأتي أنه يتبع شرط الواقف أن لا يؤجر إلا سنة مثلا وأن الولي لا يؤجر موليه أو ماله إلا مدة لا يبلغ فيها بالسن وإلا بطلت في الزائد ومر أن ولا يجوز الراهن لا يؤجر [ ص: 173 ] المرهون لأجنبي إلا مدة لا تجاوز حلول الدين كما نقله إجارة الإقطاع أكثر من سنة البدر بن جماعة عن المحققين ، وبحث البلقيني في منذور عتقه بعد سنة من شفاء مريضه أنه لا يجوز إيجاره أكثر منها لئلا يؤدي إلى دوامها عليه بعد عتقه لما يأتي أنها لا تنفسخ بطرو العتق ( وفي قول لا يزاد ) فيها ( على سنة ) مطلقا لاندفاع الحاجة بها وقول السرخسي إنه المذهب في الوقف شاذ ، بل قيل غلط ( وفي قول ) لا تزاد على ( ثلاثين ) سنة لأن الغالب تغير الأشياء بعدها ورد بأن ذكرها في النص للتمثيل وإذا زيد على سنة لم يجب بيان حصة كل بل توزع الأجرة على قيمة منافع السنين ومر بيان أقل ما يؤجر له العقار ، وقد لا يجب تقدير المدة كما يأتي في سواد العراق وليس مثله إيجار وكيل بيت المال أراضيه لبناء أو زرع من غير تقدير مدة بل هو باطل إذ لا مصلحة كلية يغتفر لأجلها ذلك وكاستئجار الإمام من بيت المال للأذان أو لذمي للجهاد وكالاستئجار للعلو للبناء أو إجراء الماء .