الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ووظيفته ) عند الإطلاق حفظ الأصول ، والغلات على الاحتياط و ( الإجارة ) بأجرة المثل لغير محجورة إلا أن يكون هو المستحق كما مر بما فيه مبسوطا في الوكالة فراجعه [ ص: 289 ] ، ( والعمارة ) وكذا الاقتراض على الوقف عند الحاجة لكن إن شرط له الواقف أو أذن له القاضي كما في الروضة وغيرها وإن نازع فيه البلقيني وغيره سواء مال نفسه وغيره قال الغزي وإذا أذن له فيه صدق فيه ما دام ناظرا لا بعد عزله

                                                                                                                              ( وتحصيل الغلة وقسمتها ) على مستحقيها ؛ لأنها المعهودة في مثله ويلزمه رعاية زمن عينه الواقف وإنما جاز تقديم تفرقة المنذور على الزمن المعين لشبهه بالزكاة المعجلة ، ولو استناب في شيء من وظيفته غيره فالأجرة عليه لا على الوقف كما هو ظاهر قال السبكي وتمسك بعض فقهاء العصر بأن وظيفته ذلك على أنه ليس له تولية ولا عزل ، ثم رده بأن ذلك في وقف لا وظائف فيه وبأن المفهوم من تفويضهم القسمة له أن ذلك له لكن للحاكم الاعتراض عليه فيما لا يسوغ وفي ولاية من هو أصلح للمسلمين ونقل الأذرعي عمن لا يحصى وقال إنه الذي نعتقده [ ص: 290 ] أن الحاكم لا نظر له معه ولا تصرف بل نظره معه نظر إحاطة ورعاية ، ثم حمل إفتاء ابن عبد السلام بأن المدرس هو الذي ينزل الطلبة ويقدر جامكياتهم على أنه كان عرف زمنه المطرد وإلا فمجرد كونه مدرسا لا يوجب له تولية ولا عزلا ولا تقدير معلوم انتهى

                                                                                                                              واعترض بأن المتجه ما قاله العز لا سيما في ناظر لا يميز بين فقيه وفقيه ورد بأن الناظر قائم مقام الواقف وهو الذي يولي المدرس فكيف يقال بتقديمه عليه وهو فرعه وكونه لا يميز لا أثر له ؛ لأنه يمكنه أن يسأل من يعرف مراتبهم وفي قواعد العز يجب تفريق المعلوم للطلبة في محل الدرس ؛ لأنه المألوف ورد بأن ذلك لم يؤلف في زمننا وبأن اللائق بمحاسن الشريعة تنزيه مواضع العلم والذكر عن الأمور الدنيوية كالبيع واستيفاء الحق

                                                                                                                              وسئل بعضهم عن المعيد في التدريس بم يتخلص عن الواجب فقال الذي يقتضيه كلام المؤرخين وأشعر به اللفظ أنه الذي يعيد للطلبة الدرس الذي قرءوه على المدرس ليستوضحوه أو يتفهموا ما أشكل لا أنه عقد مجلس لتدريس مستقل ويوافقه قول التاج السبكي أن المعيد عليه قدر زائد على سماع الدرس من تفهيم الطلبة ونفعهم وعمل ما يقتضيه لفظ الإعادة ومحل ما ذكر إن أطلق نظره كما مر ومثله بالأولى ما إذا فوض إليه جميع ذلك ( فإن فوض إليه بعض هذه الأمور لم يتعده ) اتباعا للشرط وللناظر ما شرط له من الأجرة وإن زاد على أجرة مثله ما لم يكن الواقف كما مر فإن لم يشرط له شيء فلا أجرة له نعم له رفع الأمر إلى الحاكم ليقرر له الأقل من نفقته وأجرة مثله كولي اليتيم ؛ ولأنه الأحوط للوقف وأفتى ابن الصباغ بأن له الاستقلال بذلك من غير حاكم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن ، والعمارة ) في الروض وشرحه فصل نفقة الموقوف ومؤنة تجهيزه وعمارته من حيث شرطت ، أو شرطها الواقف من ماله ، أو من مال الوقف وإلا فمن منافعه أي : الموقوف ككسب العبد وغلة العقار فإذا تعطلت منافعه ، والنفقة ومؤنة التجهيز لا العمارة من بيت المال كمن أعتق من لا كسب له ، أما العمارة فلا تجب على أحد حينئذ كالملك المطلق بخلاف الحيوان لصيانة روحه وحرمته ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله عند الحاجة ) عبارته في شرح الإرشاد وله الاقتراض في عمارته بإذن الإمام ، أو نائبه ، والإنفاق عليها من ماله ليرجع وللإمام أن يقرضه من بيت المال إلخ ا هـ وخرج بالحاجة ما إذا تعطلت منافع العقار إذ لا تجب العمارة حينئذ ( قوله : كما في الروضة إلخ ) اعتمده م ر ( قوله : فالأجرة عليه إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله : ونقل الأذرعي إلخ ) [ ص: 290 ] كذا شرح م ر ( قوله : أن الحاكم لا نظر له معه إلخ ) انظر ولو كان الحاكم هو الذي ولاه النظر ( قوله : ورد بأن الناظر إلخ ) اعتمده م ر ( قوله : أنه الذي يعيد للطلبة إلخ ) اعتمده م ر

                                                                                                                              ( قوله : من تفهيم الطلبة ) [ ص: 291 ] قضيته أن المدرس ليس عليه تفهيم .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : عند الإطلاق ) أو تفويض جميع الأمور له ا هـ مغني ويأتي في الشرح مثله ( قوله : على الاحتياط ) ؛ لأنه ينظر في مصالح الغير فأشبه ولي اليتيم ا هـ مغني قول المتن ( ، والإجارة ) أي : فله ذلك سواء كان المستأجر من الموقوف عليهم ، أو أجنبيا حيث رأى المصلحة في ذلك وإن طلبه الموقوف عليه حيث لم يشرط الواقف السكنى بنفسه ، أما إذا شرط ذلك فليس للناظر الإيجار بل يستوفي الموقوف عليه المنفعة بنفسه ، أو نائبه ا هـ ع ش ( قوله : إلا أن يكون ) أي : الناظر قول المتن ( والعمارة ) في الروض وشرحه أي : ، والمغني نفقة الموقوف ومؤنة تجهيزه وعمارته من حيث شرطها الواقف من ماله ، ، أو من مال الوقف وإلا فمن منافعه أي : الموقوف ككسب العبد وغلة العقار [ ص: 289 ] فإذا تعطلت منافعه فالنفقة ومؤن التجهيز لا العمارة من بيت المال كمن أعتق من لا كسب له ، أما العمارة فلا تجب على أحد حينئذ كالملك المطلق بخلاف الحيوان لصيانة روحه وحرمته انتهى ا هـ سم على حج وظاهر أن مثل العمارة أجرة الأرض التي بها البناء ، أو غراس موقوف ولم تف منافعه بالأجرة ا هـ ع ش ( قوله : وكذا الافتراض ) إلى قول المتن فإن فوض في النهاية إلا قوله قال الغزي إلى المتن وقوله قال السبكي إلى ونقل وقوله ويوافقه إلى ومحل ما ذكر

                                                                                                                              ( قوله : عند الحاجة ) عبارته في شرح الإرشاد وله الاقتراض في عمارته بإذن الإمام ، أو نائبه ، والإنفاق عليها من ماله ليرجع وللإمام أن يقرضه من بيت المال انتهت ، وخرج بالحاجة ما إذا تعطلت منافع العقار إذ لا تجب العمارة حينئذ ا هـ سم ( قوله : إن شرطه له إلخ ) أي : شرط النظر للناظر الواقف حال الوقف ( قوله : أو أذن له فيه القاضي ) أي : فلو اقترض من غير إذن من القاضي ولا شرط من الواقف لم يجز ولا يرجع بما صرفه لتعديه به ا هـ ع ش ( قوله : سواء مال نفسه ) مقتضاه أنه يتولى الطرفين حينئذ وينبغي أن يكون مثله ما لو شرط له الواقف ، أو أذن الواقف ، أو أذن له القاضي في الإنفاق من ماله والرجوع وهل له ما ذكر في صورة الاقتراض ؛ لأنه اقتراض في المعنى أو يتعين فيه صورة القرض الحقيقي بالإيجاب والقبول كما هو المتبادر محل تأمل ا هـ سيد عمر وقوله حينئذ أي : حين اقتراضه من مال نفسه وقوله ما ذكر أي : الإنفاق من ماله وقوله ؛ لأنه أي : الإنفاق من ماله وقوله محل تأمل القلب إلى الأول أميل

                                                                                                                              ( قوله : وإذا أذن له إلخ ) لعل المراد بالإذن ما يشمل ما لو شرط النظر له الواقف فاقترض ، أو أنفق عند الحاجة من ماله ( قوله ؛ لأنها ) أي : المذكورات من الحفظ وما عطف عليه ( قوله : عينه الواقف ) أي : لقسم الغلة ( قوله ذلك ) أي : ما في المتن والشرح ( قوله على أنه ) متعلق بتمسك المتضمن معنى الاستدلال ( قوله : ليس له ) أي : للناظر من جهة الواقف ( قوله : ثم رده ) أي : رد السبكي ما قاله البعض ( قوله : بأن ذلك ) أي : كون وظيفة الناظر ما ذكره المصنف وحصرها فيه ( في وقف لا وظائف فيه ) أي : لا مطلقا ( قوله : أن ذلك ) أي : التولية ، والعزل ( قوله : وفي ولاية من هو أصلح إلخ ) الأصوب وفي ولاية غير من هو إلخ أي كتولية من مع وجود من هو أصلح منه للطلبة مدرسا ( قوله : ونقل الأذرعي عمن لا يحصى إلخ ) ينبغي أن يكون محل الخلاف والتردد حيث لم ينص الواقف على تفويض ذلك إلى أحدهما ولم يكن ثم عرف مطرد في زمنه كما هو ظاهر وإلا فالمتبع شرطه ، أو العرف المذكور بلا خلاف والله أعلم ا هـ سيد عمر وعبارة الرشيدي قوله ونقل الأذرعي عمن لا يحصى وقال إلخ أي : والكلام في النظر الخاص لا من نصبه الحاكم حيث النظر له وعبارة الأذرعي في محل فائدة قد يؤخذ من قوله أي : المنهاج إن شرط الواقف النظر إلخ أنه ليس للقاضي أن يولي في المدرسة وغيرها إلا عند فقد الناظر الخاص من جهة الواقف ؛ لأنه لا نظر له معه كما دل عليه كلامهم ولم أر نصا يخالفه ا هـ ، ثم قال في محل بعد هذا ( فرع )

                                                                                                                              تعلق بعض فقهاء العصر بكلام الشيخين هنا في أنه ليس للناظر التولية في الوظائف في المدرسة وغيرها ظانا أنه للحصر وصاروا يقولون بأن التولية في التدريس للحاكم وحده وليس للناظر الخاص وهذا غير سديد وانتصب لنصر هذا بعض الشراح وأطال القول فيه وهو الذي نعتقده وأن الحاكم لا نظر له معه ولا تصرف إلى آخر ما ذكره عنه الشارح مع زيادة فقد علمت أن الكلام في الناظر الخاص وكيف يمنع تصرف الحاكم مع من هو نائب عنه مع أن النظر في الحقيقة إنما هو له وإنما جوزوا له الإنابة [ ص: 290 ] فيه لكثرة أشغاله كما هو ظاهر وبهذا سقط ما في حواشي الشهاب ابن قاسم مع ما أردفه به شيخنا في حاشيته ا هـ عبارة شيخه ع ش قوله إن الحاكم لا نظر له معه إلخ انظر لو كان الحاكم هو الذي ولاه النظر سم على حج أقول لا نظر له معه ولو كان هو الذي ولاه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : معه ) أي : مع الناظر

                                                                                                                              ( قوله : ثم حمل ) أي : الأذرعي ( قوله : واعترض ) أي : الحمل المذكور ( قوله ورد ) أي : الاعتراض ( بأن الناظر إلخ ) اعتمده م ر ا هـ سم وكذا اعتمده المغني كما يأتي ( قوله : بأن الناظر قائم مقام الواقف ) فإنه قد أقامه مقام نفسه ا هـ مغني ( قوله : وهو الذي إلخ ) أي : الناظر ( قوله : فكيف يقال إلخ ) وهذا هو المعتمد كما صوبه الزركشي وغيره ا هـ مغني ( قوله : بتقديمه ) أي : المدرس ( عليه ) أي : الناظر ( وهو ) أي المدرس ( فرعه ) أي : الناظر ( قوله : وسئل إلخ ) عبارة النهاية ، والأقرب أن المراد بالمعيد من يعيد للطلبة الدرس إلخ ( قوله : عن المعيد في التدريس بم يتخلص إلخ ) أي : حيث كان ثم معيد للدرس مقرر من جهة الواقف ، أو القاضي أو الناظر ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : عن الواجب ) أي : عن العمل الواجب عليه في مقابلة معلومه ( قوله : أو يتفهموا ما أشكل ) أي : مما قرره الشيخ أولا فلو ترك المدرس التدريس أو امتنعت الطلبة من حضور المعيد بعد الدرس استحق المعيد ما شرط له من المعلوم لتعذر الإعادة عليه ا هـ ع ش ( قوله : عقد مجلس ) أي عاقده ( قوله : ويوافقه ) أي : ما قاله البعض في تفسير المعيد ( قوله : على سماع الدرس ) أي : إسماعه ( قوله : من تفهيم إلخ ) بيان للقدر الزائد و ( قوله : وعمل ما إلخ ) عطف عليه ويحتمل على قوله قول التاج ( قوله ومحل ما ذكر ) أي : في المتن ، والشرح من الوظائف ( قوله : كما مر ) أي : عقب قول المصنف ووظيفته ( قوله : ما إذا فوض له جميع ذلك ) وقياس ما مر في الوكيل وولي الصبي أنه إن قدر على المباشرة ولاقت به لا يجوز تفويضها لغيره وإلا جاز له التفويض فيما عجز عنه ، أو لم تلق به مباشرته ولا فرق في المفوض له بين المسلم والذمي حيث لم يجعل له ولاية في التصرف في مال الوقف بل استنابه فيما يباشر بالعمل فقط كالبناء ونحوه ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : اتباعا ) إلى قوله نعم في النهاية وإلى قوله ؛ ولأنه الأحوط في المغني ( قوله : ما لم يكن ) أي : الناظر فقوله الواقف بالنصب على الخبرية ( قوله : نعم له رفع الأمر إلى الحاكم إلخ ) قد يقال ما الحكم لو فقد الحاكم بذلك المحل ، أو تعذر الرفع إليه لما يخشى منه من المفسدة على الوقف فهل له الاستقلال بما ذكر أو لا محل تأمل وعلى الأول فيحتمل أن يكون هو محل كلام ابن الصباغ ما لم يثبت عنه نص بالتعميم والله أعلم ا هـ سيد عمر ويؤيد الأول ما مر من الشرح قبيل الفرع ولكن الأحوط أن يحكم فيه عالما دينا يقرر له ما ذكر ( قوله : فلا أجرة له ) قال شيخنا الزيادي بعد ما ذكر وليس له أي : الناظر أخذ شيء من مال الوقف فإن فعل ضمن ولم يبرأ إلا بإقباضه للحاكم وهذا هو المعتمد رملي انتهى وقضية قوله للحاكم أنه لا يبرأ بصرف بدله في عمارته ، أو على المستحقين وهو ظاهر ا هـ ع ش ومر عنه ما نصه ومحله ما لم يخف من الرفع إلى الحاكم غرامة شيء فإن خاف ذلك جاز له الصرف بشرط الإشهاد فإن لم يشهد لم يبرأ ؛ لأن فقد الشهود نادر ا هـ وقوله غرامة شيء أي : أو نزع الوقف عن يده وقوله لم يبرأ أي : في ظاهر الشرع فقط

                                                                                                                              ( قوله : ليقرر له ) أي وإن كان من جملة المستحقين في الوقف ا هـ ع ش ( قوله : الأقل إلخ ) عبارة المغني ليقرر له أجرة فهو كما إذا تبرم الولي بحفظ مال الطفل فرفع الأمر إلى القاضي ليثبت له أجرة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كولي اليتيم ) قال الشيخ الظاهر هنا أنه يستحق أن يقرر له أجرة المثل وإن كان أكثر من النفقة وإنما اعتبرت النفقة ثم لوجوبها على فرعه سواء كان وليا على ماله أم لا بخلاف الناظر ا هـ نهاية قال ع ش قوله مر الظاهر إلخ معتمد وقوله أنه أي : الناظر وقوله ثم أي : في الولي ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية